لم تكن المباراة الأخيرة التي فاز فيها نادي "بالستينو" التشيلي لكرة القدم الوحيد في العالم الذي يلعب بألوان العلم الفلسطيني، على فريق "إبرتون"، مباراة عادية، ففلسطين لم تكن حاضرة في العلم فحسب بل من خلال استحضار نكبتها بظهور خريطتها التاريخية بدلاً من رقم واحد على قمصان لاعبي الفريق الفائز . قد لا يكون هذا الأمر غريباً على فريق "ديبورتيفو بالستينو" (تعني فلسطين) الذي أسسه مهاجرون فلسطينيون عام 1920 واشتراه حفيد مهاجر فلسطيني يدعى سلفادور سعيد بهدف دعم القضية الفلسطينية، إلاّ أن الخريطة التي يشبه شكلها الخنجر أصابت الجالية اليهودية في الصميم، فاستحضار النكبة بهذا الشكل دفعها إلى الإعراب عن سخطها الشديد وإلى مطالبة الفريق بالاعتذار. ولم يقتصر الغضب اليهودي على رد فعل الجالية في تشيلي، بل تعدّاه إلى الإعلام الإسرائيلي حيث اعتربت صحيفة "يديعوت أحرونوت" وضع خريطة فلسطين على القمصان "رسالة سياسية"، معربة عن انزعاجها لإغفال الفريق التشيلي تأسيس دولة إسرائيل على قمصان لاعبيه . وطالب رئيس الجالية اليهودية جيراردو غوروديشر في تصريح ل"أسوشييتد برس" الفريق بالاعتذار والاتحاد التشيلي لكرة القدم بعدم السماح بارتداء القمصان لأنها لا تعترف بدولة إسرائيل. وأضاف "الإدارة غير المسؤولة لنادي بالستينو قامت بخطوة ضد الجالية اليهودية كلّها في تشيلي". وتابع "هذا يوم أسود كرة القدم التشيلية وأطالب بمعاقبة فريق بالستينو". ولكن رد فعل السلطات الرياضية في تشيلي التي تضم أكبر جالية فلسطينية في العالم خارج الدول العربية، لم يكن في صالح الجالية اليهودية التي أبلغها الاتحاد التشيلي لكرة القدم أنه كي يفرض عقوبة على النادي "من الضروري أن يندّد نادٍ آخر من الدوري بذلك وهو ما لم يحصل حتى الآن". وقال المتحدث باسم الاتحاد التشيلي هيكتور اولاف "لا يمكننا فرض عقوبة إلاّ في حال خطأ فادح، كأن يكتبوا مثلاً (فلسطين حرة) على القميص، ولكن الفريق سبق له استعمال هذه الخريطة مرات عدة". ودعمت الجالية الفلسطينية في تشيلي خطوة الفريق حيث قال ماوريسيو ابو غوش رئيس الاتحاد الفلسطيني في تصريح ل"فرانس برس" إن الخريطة "رمز لتاريخنا وثقافتنا"، وأنها "كانت دائماً لنا ونحملها دائماً حول العنق". ولكن الغضب اليهودي والإسرائيلي لم يبدّل شيئاً في موقف فريق "ديبورتيفو باليستينو"، الذي تشبّث بارتداء لاعبيه لموسم 2014، القميص الجديد الذي تزيّنه خريطة فلسطين قبل عام 1948. وقال مسؤول في النادي فضل عدم الكشف عن هويته في تصريح ل"فرانس برس" بعد اجتماع مع إدارتنا قررنا مواصلة اللعب بالقميص على اعتبار اننا لم نتلق أي اتصال من الاتحاد التشيلي لكرة القدم أو الفيفا"، مضيفاً "نحن فريق رياضي ونلتزم بآراء هاتين المؤسستين". وأحرز النادي التشيلي الذي يعتبر فريقاً صغيراً في الدرجة الأولى ويرتدي لاعبوه منذ نحو قرن ألوان علم فلسطين أي الأبيض والاخضر والاحمر، لقبين حتى الآن عامي 1955 و1978. ويمثل الفريق الجالية الفلسطينية المهمة في تشيلي والتي يبلغ عديدها 350 ألف شخص ويطلق التشيليون على أفرادها، صفة "الأتراك" بسبب جوازات السفر التي منحت إليهم من قبل الامبراطورية العثمانية خلال هجرتهم مطلع القرن العشرين. وتتشكّل غالبية هؤلاء من المسيحيين المتحدّرين من بيت جالا وجوارها وقد وصلوا إلى تشيلي في مطلع عام 1900. بوضع خريطة فلسطين على قمصان لاعبيه، سجّل فريق "بالستينو" التشيليللفلسطينيين "انتصاراً صغيراً" على محتلّيهم ولو حصل ذلك في المقلب الآخر من الأرض وعلى قمصان سيخلعها أصحابها بعد كل مباراة.