لم تحتضن مدينة رام الله فقط اجتماع اتحاد الإذاعات العربية، بل أطلقت شرارة أضخم تعاون فضائي عربي، عبر بث موحد لنحو 65 فضائية عربية، في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وانطلاقاً من فلسطين، بمشاركة نخبة من الإعلاميين العرب سواء عبر تلفزيون فلسطين أو من خلال الفضائيات العربية. هذه الخطوة، التي بدأت بكسر نحو ثلاثين إعلامياً ومسؤولاً عن المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية العربية للحصار المفروض على الأراضي الفلسطينية، والذي حال دون دخول نحو أربعين آخرين بعد رفض الاحتلال منحهم التصاريح اللازمة لذلك، يقول عنها محمد الغامدي، رئيس مجلس إدارة جمعية المنتجين والموزعين السعوديين ل»الحياة»: «في العالم العربي توجد اكثر من ألف قناة فضائية، والمشكلة أن لا تنسيق بينها، وللأسف القضايا العربية المشتركة والقضايا المصيرية باتت تثير نوعاً من التضاد، بل وتدور حولها معلومات مختلفة، فأحياناً تبث فضائية عربية ما معلومات معينة حول قضية بعينها، بينما تبث قناة أخرى معلومات مغايرة وحول القضية ذاتها... هذه الحالة لو استمرت لكانت النتيحة مزيداً من اضمحلال الإعلام العربي، وهو ما يصيب المستقبل العربي بشكل عام في مقتل». ويضيف الغامدي: «إذا تحدثنا عن قضيتنا المركزية وهي القضية الفلسطينية التي عايشناها منذ كنا اطفالاً، فأعتقد بأننا كعرب بحاجة لتوحيد الجهود في مواجهة الاعلام الاسرائيلي الذي يستغل أخبارنا ومعلوماتنا المتضادة ويستفيد منها... جاء هذا المؤتمر في فلسطين لتوحيد الهدف، وسيلمس المشاهد تغيراً واضحاً مستقبلاً، إذ ان وسائل الاعلام العربية باتت اكثر وعياً». ويشير الى أن الاجتماع المقبل سيكون في المملكة العربية السعودية «للمراكمة على اجتماع فلسطين الذي يحمل أهمية خاصة، ورمزية كبيرة تدل على التفاف العرب حول القضية المركزية بالنسبة إليهم، ألا وهي القضية الفلسطينية». وعن هذه المشاركة، يقول المدير العام لمؤسسة «الإذاعة والتلفزيون» الأردنية، رئيس اللجنة العليا للمؤتمر رمضان رواشدة: «تأتي من باب التأكيد منا كعرب وكأردنيين على دعمنا للأشقاء الفلسطينيين من أجل نيل حقوقهم المشروعة وعاصمتها القدس، كما اننا نؤكد دعمنا للإعلام الفلسطيني وفي مقدمه هيئة الاذاعة والتلفزيون الفلسطينية ممثلة بتلفزيون فلسطين وصوت فلسطين، وفضائيتا «الفلسطينية» و»معا»، وسواها من المؤسسات الإعلامية الفلسطينية. وأدعو كل الإعلاميين العرب في الفضائيات والاذاعات العربية لزيارة فلسطين ليتعرفوا على واقع الحياة والمعاناة اليومية في النضال ضد الاحتلال». ويتحدث عن جهود لإطلاق «يوم للتضامن الاعلامي العربي مع الشعب الفلسطيني وقضيته، وسيكون في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لنوحد الإعلام العربي على مصطلحات عربية وليس على مصطلحات اسرائيلية، وذلك في النهاية من أجل دعم القضية الفلسطينية من خلال الاعلام. نحن نعمل من اجل ان يكون التعاون مستمراً بيننا وبين وسائل الاعلام الفلسطينية». في الإطار ذاته، يقول ممدوح عبدالوهاب، رئيس قطاع الإنتاج في مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية: «أهمية هذا المؤتمر تكمن في الإجماع على الوقوف بجانب فلسطين وقضيتها... ونأمل في تجمعنا هذا في فلسطين أن ننجح في إسكات الألسنة التي تهاجم زيارة القدس، وتحرمها... هذا التجمع الاعلامي العربي جاء ليثبت العكس». ويضيف: «نحن كمصريين وكمدينة انتاج اعلامي بالتحديد، اعلنا اننا الى جانب أي انتاج درامي او برامجي عن فلسطين عموماً او عن القدس خصوصاً... وفي مدينة الانتاج الاعلامي نمد يد العون لكل من يريد تسليط الضوء على القضية الفلسطينية... وفي 29 تشرين الثاني 2014، ستكون هناك انتاجات عربية تبث على الفضائيات لدعم القضية الفلسطينية والوقوف الى جانبها». ويشدد أحمد الحزوري، المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، على أهمية المؤتمر وما خرج عنه من قرارات، وعلى أهمية أن تكون فلسطينوالقدس العاصمة وقضية الشعب الفلسطيني العادلة هي العوامل الأساسية في توحيد بث أكبر عدد من الفضائيات العربية في يوم واحد. ويقول ل»الحياة»: «اتحاد الاذاعات العربية اتخذ قراراً لأن يكون هناك يوم تضامن إعلامي عربي مع فلسطين ويمتد البث من 6 الى 12 ساعة تشتمل على برامج وثائقية وحوارية منها برامج خاصة ومنها برامج مشتركة، وكلها عن فلسطينوالقدس». ويضيف: «قدمنا للمؤتمر اقتراحاً بأن نستضيف في تلفزيون فلسطين المقدمين والاعلاميين على ارض فلسطين وأن ننتج البرامج من ارض فلسطين، وبدأنا منذ الان التحضيرات الفنية والتقنية لإنجاح هذا اليوم». أما محمود خليفة، وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية، فيقول: «الموضوع اكثر من توحيد بث فضائي، إذ نحاول توجيه رسالة سياسية واجتماعية تحملها وسائل الاعلام العربية وتقدمها للمشاهد، وهي رسالة تحمل مجموعة من الاهداف منها ما له علاقة بالمجتمع الفلسطيني والمجتمعات العربية، ومنها ما له علاقة بآليات المخاطبة التي يجب ان توجه للرأي العام العربي والعالمي بخاصة في اطار «اليوم المفتوح لدعم القدس». ويؤكد خليفة أن «هذا الاجراء يأتي كنوع من المواجهة للاحتلال، وذلك بتقديم حقائق ما تتعرض له القدس وما يتعرض له الفلسطيني، حتى نستطيع الوصول لذهن المشاهد العربي بحقيقة ما يجري على الأرض الفلسطينية».