استبشر الجميع خيراً العام الماضي ببرنامج «أرض وقرض» الذي أعلنته وزارة الإسكان بعد صمت طويل، كدنا معه ننسى أن هناك وزارة. هتف الجميع للوعود التي أطلقها الوزير المجتهد شويش الضويحي، وتناقلتها وسائل الاتصال الاجتماعي والمنتديات والقنوات والصحف، بل لم يعد هناك سؤالاً في المجالس سوى متى موعد تطبيق هذا البرنامج والبرامج الأخرى. في ذلك الحين، لم يكن هناك صامت سوى شباب هذا الوطن الذي كبلته الديون، إذ أطلق لخياله العنان وبات يحلم بالاستقرار الأسري ويعيش الأحلام الوردية، بعيداً عن ضغوطات الحياة ومطالبة المؤجرين وملاحقة شركات التقسيط. ثم ما الذي حدث؟ عادت الوزارة الحديثة إلى الصمت مجدداً، والتفاؤل تحوّل إلى ترقب مصحوب بالخوف، خصوصاً أن آلية الاستحقاق التي يرددها المسؤولون في الوزارة لا تستحق كل تلك الأشهر. كلنا نعلم أن مشكلة الإسكان ليست سهلة، والتأخر في حلها طوال العشرين عاماً الماضية حولها إلى معضلة اجتماعية ثم حكومية، بل لا أبالغ إن قلت إنها حمل ثقيل على الجميع بما فيهم أصحاب المشكلة. أخيراً وقبل أيام عدة تواترت الأنباء عن قرب إعلان آلية الاستحقاق، وربما قبل نشر هذا الموضوع، وجميع المتابعين يعلمون ما تسرب من بعض التفاصيل، مثل الاهتمام بالمطلقات والأرامل وذوي الحاجات الخاصة وكبار السن الذين لا يستطيعون الاعتماد على مداخلهم في تأمين مسكن لهم ولأسرهم. في تصاريح سابقة أشير إلى أن نظام النقاط المزمع تطبيقه، أو بالأحرى الاهتمام بفئات المجتمع الأكثر احتياجاً لن يؤثر في الترتيب المعمول به في صندوق التنمية العقاري، أي أن نظام النقاط سيعتمد على المبلغ الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين، إلا أنني بت ألمس ومثلي كثيرون أنه سيكون على حساب المتقدمين السابقين على الصندوق. أعلم كما غيري مقدار المعضلة، وكبر المسؤولية الملقاة على عاتق المسؤولين في الوزارة، ولكن أتمنى أن يعوا أن أسبقية التقديم هي حق للمتقدم لا يجوز التعدي عليها تحت أي ظرف، وألا يكون حل المشكلة على حساب المتقدمين السابقين على القرض العقاري. قبل أن أختم، آمل ألا تقع وزارة الإسكان في ما وقعت فيه جهات حكومية أخرى من اختراع للأنظمة واستحسان لبعض القوانين، التي ربما لا ينكشف عوارها إلا بعد أعوام، وتكون المشكلة قد تضاعفت واستحال حلها، ومن هذا المنطلق فإنه لا مانع من التأسي بالآخرين والاستفادة من تجاربهم والبدء بما انتهوا إليه، خصوصاً تجارب الدول التي استطاعت حل المشكلة منذ أعوام، فليس أفضل من التطبيق لاكتشاف الأخطاء والثغرات.