قالت مصادر مطلعة ل «الحياة»، إن أزمة كبيرة عصفت باجتماعات الهيئة العامة ل «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أمس، بعد تلويح نحو ثلاثين عضواً بالانسحاب من «الائتلاف»، الأمر الذي اعتبره أعضاء في الهيئة السياسية مقدمة لدفع بعض الأطراف لتشكيل كيان مواز ل «الائتلاف» يضم جسماً عسكرياً بالتنسيق مع «الجبهة الإسلامية». وزادت هذه الأزمة من التعقيدات التي واجهها «الائتلاف» في شأن اتخاذ قراره النهائي من المشاركة في مؤتمر «جنيف2» المقرر في 22 كانون الثاني (يناير) الجاري، بعد إعلان «المجلس الوطني السوري»، أحد الكتل الرئيسية في «الائتلاف»، قراره مقاطعة المؤتمر والتلويح بالانسحاب من التكتل المعارض إذا قرر المشاركة. وقال قيادي معارض ل «الحياة»، إن نقاشاً جرى امس حول موجبات وسلبيات المشاركة في المؤتمر الدولي، وإن عدداً من الأعضاء اقترح عدم اتخاذ قرار، بل ترك اجتماعات الهيئة العامة مفتوحة لإجراء مزيد من النقاشات حول «جنيف2» مع ممثلي الحراك الثوري والكتائب المسلحة والكتل التي أرادت الانسحاب من «الائتلاف». ويُتوقع ان يترك هذا التطور الأخير، صداه على اجتماعات وزراء خارجية مجموعة لندن التي تضم 11 دولة من «أصدقاء سورية» في باريس يومي 11 و12 الشهر الجاري ولقاء وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في 13 منه. وقال القيادي إن زيارة رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا وأمينه العام بدر جاموس موسكو يومي 13 و14 الجاري لا تزال قائمة. وكان الجربا فاز ب 65 صوتاً من أصل 120 عضواً في الهيئة العامة، متقدماً بفارق 13 صوتاً على منافسه رئيس الحكومة السورية المنشق رياض حجاب، الذي حاز على 52 صوتاً. كما انتُخب كل من عبدالحكيم بشار وفاروق طيفور ونورا الأمير (الجيزاوي) نواباً للرئيس. ويمثل بشار «المجلس الوطني الكردي» بموجب الاتفاق الموقع مع «الائتلاف». أما بالنسبة إلى منصب الأمين العام، فانحصرت المنافسة بين جاموس ورجل الأعمال مصطفى الصباغ، حيث حاز الأول على 57 صوتاً مقابل 59 صوتاً للثاني، سرعان ما فاز جاموس بمنصب الأمين العام في جولة الإعادة. وكان وزير الخارجية القطري خالد العطية زار إسطنبول قبل اجتماعات الهيئة العامة. كما أن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو التقى الجربا ثم اتصل به ليهنئه على الفوز بولاية جديدة مدتها ستة أشهر. وكانت كتلة الصباغ، الذي كان أميناً عاماً ل «الائتلاف»، خسرت في الانتخابات السابقة في تموز (يوليو) الماضي بعد توسيع «الائتلاف»، مقابل كتلة «اتحاد الديموقراطيين السوريين» برئاسة ميشال كيلو. وأوضحت مصادر أمس، أن كتلة الصباغ سعت أول من أمس إلى الحصول على «الثلث المعطل» في الهيئة السياسية التي تضم 19 عضواً، وكان مقرراً توسيع عدد أعضائها لضم ثلاثة أكراد بموجب الاتفاق مع «المجلس الوطني الكردي»، مشيرة إلى أن الكتلة كانت تراهن بقوة على حجاب الذي انضم قبل يومين إلى «الائتلاف» ممثلاً ل «التجمع الوطني الحر» الذي يضم المنشقين عن النظام، بدلاً من معاون وزير النفط الأسبق عبده حسام الدين. لكن حاضري اجتماع الهيئة العامة في فندق قرب إسطنبول، فوجئوا مساء أول من أمس بإعلان 26 عضواً في كتل وازنة الانسحاب من «الائتلاف». وكان بين هؤلاء الصباغ وممثل «الائتلاف» في تركيا خالد الخوجا واحتمال ممثله في نيويورك نجيب الغضبان. وقال أحد المعارضين المحسوبين على «اتحاد الديموقراطيين»، إن محاولات للتفاوض جرت بين الجانبين «لكن الواضح أن هناك نية لتعطيل اجتماع الائتلاف». وقال عضو الهيئة السياسية فائز سارة، إنه ليس صحيحاً القول إن انسحابهم كان بسبب الموقف من «جنيف2»، لأن «الائتلاف» لم يكن قد بدأ مناقشة الموقف من المشاركة في المؤتمر من عدمها، باعتبار أن هذا الأمر ترك إلى يوم أمس. وأشار معارض آخر إلى أن انسحابهم جاء في سياق العمل لتأسيس «كيان مواز» ل «الائتلاف»، يضم كتلاً سياسية وبعض أعضاء المجالس المحلية والحراك الشعبي ورجال الأعمال، مع احتمال حصول تنسيق بينهم وبين «الجبهة الإسلامية» التي تشكلت في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بحيث تكون الذراع العسكرية للكيان السياسي الجديد. وقال رئيس الهيئة العسكري ل «الجبهة الإسلامية» زهران علوش، قوله إن هناك توجهاً لإدراج المشاركين في «جنيف2» على قائمة المطلوبين، سواء أولئك المنتمين للنظام أو المعارضة. ونقل موقع «زمان الوصل» عن الخوجا تأكيده استقالة 40 شخصاً بين عضو وممثل من «الائتلاف»، وذلك «احتجاجاً على إدارة الائتلاف والتعامل مع قضايا الثورة مع احتمال تشكيل تحالف جديد من هذه الشخصيات المستقيلة يعمل على إعادة مسار الثورة والاقتراب من القوى الثورية المقاتلة على الأرض». جاء هذا في وقت أعلن ناطق باسم الأممالمتحدة أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بدأ توجيه الدعوات الى المشاركين في المؤتمر الدولي. وعلم أن الدعوة وصلت إلى الحكومة السورية التي سيترأس وفدها وزير الخارجية وليد المعلم ويضم المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة بثينة شعبان ومسؤولين آخرين وخبراء. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن وزير الإعلام السوري قوله أمس، إن وفد الحكومة السورية ذاهب إلى مؤتمر «جنيف2» بهدف «الوصول إلى نتائج تخدم الشعب والدولة السورية، والحوار السوري- السوري في الداخل سيحدث، سواء كان منشأه جنيف أو لم يكن. وإذا نجح جنيف ووصلنا إلى مرحلة نتحاور فيها في أي بقعة من سورية سيكون هذا الكلام إيجابياً، وإذا أفشلت المعارضة ومن يدعمها ويمولها في الخارج المؤتمر، فهناك حوار سوري- سوري سيكون في سورية، وبالتالي سيصل إلى نتائج إيجابية». وتابع: «أنصح المعارضة والجميع أن يقرأوا بيان جنيف1 جيداً بلغة سياسية. في جنيف يجب أن يكون هناك اتفاق وأن نخرج باتفاق عنوانه الأول والأساسي محاربة الإرهاب ومواجهته والتصدي له بشكل مشترك، وبقية التفاصيل هي أقل بكثير من العنوان الأساسي»، مضيفاً: «نفهم بشكل جيد أنه يجب أن يكون هناك في المستقبل السياسي في سورية حكومة وحدة وطنية وحكومة موسعة، لكن لا يوجد شيء اسمه هيئة حكم انتقالي بالمعنى العراقي عندما غزت الولاياتالمتحدة الأميركية العراق. وأي عمل أو اتفاق سيتم في جنيف إذا لم يوافق عليه الشعب السوري في استفتاء عام فلا قيمة له ولا معنى له على الإطلاق ولن يكون له إمكانية للتنفيذ». وتطالب المعارضة بتنفيذ كامل لبيان جنيف الأول الصادر في حزيران (يونيو) العام 2012، ونص على تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة وبقبول متبادل، كما تطالب بألاّ يكون دور للرئيس بشار الأسد في هيئة الحكم ومستقبل سورية. ونقلت «سانا» عن عمران قوله، إن الأسد «باق رئيساً للجمهورية بانتخابات وفق القواعد الدستورية مع وجود مرشحين آخرين ممن تنطبق عليهم الشروط أو عدم وجود مرشحين». وزاد: «قرار أن يرشح الأسد نفسه لمنصب الرئاسة من عدمه هو قراره الشخصي»، لافتاً إلى أن «هناك قراراً شعبياً سورياً بترشيح الرئيس الأسد لرئاسة الجمهورية. وأؤكد أن الأسد سيكون رئيساً للجمهورية في انتخابات وفق القواعد الدستورية مع وجود مرشحين آخرين ممن تنطبق عليهم شروط الترشيح وفقاً للدستور أو عدم وجود مرشحين. الأسد باق رئيساً للجمهورية بانتخابات دستورية شرعية يشارك فيها السوريون وتعبر عن إرادتهم».