عكس المناخ السياسي المريح الذي وفره معسكر اليمين الإسرائيلي المتشدد الشريك في الائتلاف الحكومي لرئيسه بنيامين نتانياهو، عشية لقاء القمة الثلاثية التي تجمعه في نيويورك والرئيسين الأميركي باراك أوباما والفلسطيني محمود عباس، «قناعة» هذا المعسكر بأن اللقاء لن يسفر عن أي نتيجة باتجاه تقييد النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وجاء لافتاً أن الوزراء المتشددين في «ليكود» و«النواب المتمردين» لم يطلقوا تصريحات تحذيرية لنتانياهو مع سفره إلى نيويورك، كما فعل نظراؤهم قبل أكثر من عشر سنوات إبان ولايته الأولى (1996-1999) خلال لقاءات ثلاثية إسرائيلية - أميركية - فلسطينية، بإطاحته إذا قدم تنازلات للفلسطينيين. وعزا مراقبون سلوك المتشددين هذا إلى أنهم «مطمئنون» إلى فشل القمة وإلى نجاح نتانياهو في ليّ ذراع عباس والذهاب إلى القمة في نيويورك من دون شروط مسبقة ومن دون أن تدفع إسرائيل ثمناً لقاء المشاركة. وأشارت وسائل الإعلام إلى حقيقة أن «خيمة الاحتجاج» التي نصبها قبل يومين قادة المستوطنين أمام مكتب رئيس الحكومة في القدسالمحتلة ضد تجميد البناء في المستوطنات، لم تستقطب إليها جمهوراً واسعاً من المؤيدين ولم يزرها من الوزراء سوى وزير الشتات والإعلام يولي إدلشتاين ووزير الدولة بيني بيغين. وأفادت الإذاعة العامة أن رئيس الكنيست رؤوبين ريبلين عدل عن نيته زيارة الخيمة وفضّل لقاء ممثلي المستوطنين في مكتبه في القدس. وقال ادلشتاين للإذاعة العامة إنه يتفهم موقف قادة المستوطنين وعدم رضاهم عن قرار رئيس الحكومة بناء نحو 500 شقة سكنية جديدة «فقط» في مستوطنات الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة، «لكننا أشرنا بارتياح إلى أن رئيس الحكومة صمد في وجه الضغوط لوقف البناء في المستوطنات». وأعرب ادلشتاين، وهو مستوطن في إحدى مستوطنات «غوش عتسيون» جنوبالقدسالمحتلة، عن ثقته بأن نتانياهو سيرفض في نيويورك إطلاق مفاوضات مع الفلسطينيين من دون شروط مسبقة، «وفي حال نجح في ذلك، فسيكون إنجازاً». وتابع أنه يؤيد استئناف الاتصالات مع الفلسطينيين لبحث مسائل اقتصادية وأخرى تتعلق بالمياه والبيئة، مضيفاً أنه في حال أصر الفلسطينيون على الخوض في القضايا الجوهرية للصراع «فإننا سنصل إلى طريق مسدود». وبررت النائب المتشددة تسيبي حوتوبيلي «صمتها» وسائر «المتمردين» بمعرفتهم أن لقاء نيويورك «لا معنى له» ولن يحقق نتائج وإنجازات «ولأجل ذلك يظهر ليكود جبهة واحدة». وتابعت أنه طالما تواصل البناء في المستوطنات، فإنه في وسع رئيس الحكومة أن يسافر ويشارك في القمة. ولفتت وسائل الإعلام إلى أن الشركاء في الائتلاف الحكومي من اليمين المتطرف يمنحون رئيس الحكومة «هدوء بال»، فقبل سفر نتانياهو إلى نيويورك «باركه» الزعيم الروحي لحركة «شاس» الدينية الشرقية الحاخام عوفاديا يوسف وأغدق عليه المديح وأكد له وقوف وزراء ونواب الحركة إلى جانبه. كذلك، يلتزم حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف برئاسة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الصمت، على رغم معارضته المبدئية المفاوضات مع الفلسطينيين بداعي أنها لن تقود إلى حل للصراع. واختار ليبرمان عدم إقحام أنفه في الاتصالات الأميركية - الإسرائيلية التي مهدت للقاء القمة وتعهد عدم عرقلة محاولات نتانياهو التوصل إلى حل للصراع، كما لم يصدر أي احتجاج عن «البيت اليهودي» الذي يعتبر من أبرز رعاة الاستيطان في المناطق المحتلة.