أثار نجاح «حزب الله» في مقايضة العنصر فيه عماد عياد بعنصرين أسيرين من «الجيش السوري الحر» أول من أمس غضب أهالي العسكريين المخطوفين المعتصمين منذ شهر ونصف الشهر في ساحة رياض الصلح على الحكومة اللبنانية، معتبرين أن مسار التفاوض الذي تقوم به حتى الآن «غير مجدٍ ولن يؤدي إلى أي نتيجة» باستثناء وعود يسمعونها من أعضاء خلية الأزمة ب«أن المفاوضات متواصلة حتى لو عبر اتّصالات يجريها الموفد القطري مع الخاطفين وأن هناك مماطلة من جانب النّصرة». وتبقى تلك التطمينات بالنسبة اليهم من دون أي ترجمة فعلية. وعلى رغم رداءة الطّقس، أمضى الأهالي نهارهم أمس في الخيم على مقربة من السراي الكبيرة حتى لا يفوتهم أي تطور أو معلومة. وواصلوا عقد اجتماعاتهم للبحث في تطورات ملفّهم والتَّصعيد لكن هذه المرة بوتيرة مدروسة. وسيُشكل قطع طرق مداخل العاصمة بيروت غداً وعدم فتحها خطوة صغيرة «حتّى نصل إلى الأشخاص الذين يرفضون المقايضة ومعاقبتهم». صابرين زوجة الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي المخطوف زياد عمر تناقش وداليا ديراني شقيقة العنصر في قوى الأمن سليمان الديراني كيفية نجاح «حزب الله» في إطلاق سراح أسيره، متسائلتين عن موقفه من المقايضة في قضية أبنائهم: «لماذا لا يقبل الحزب مقايضة العسكريين بسجناء رومية وهو يفعلها؟». إلاّ أن ماري خوري شقيقة المخطوف لدى «النصرة» جورج خوري التي تترك منزلها الكائن في بياقوت وابنها في الحضانة يومياً الساعة السابعة صباحاً لتتجه إلى رياض الصلح، فلا توافق على رؤيتهما للأمور وتقول: «تبيَّن أن حزب الله يفاوض وهناك 3 أحزاب أخرى تلعب من تحت الطاولة»، متوقّعة «عدم حل هذا الملف قريباً لأنه يتطلّب أموالاً والحكومة تنتظر الجهة المموّلة وقراراً أميركياً بحلّ فيتو الإفراج عن سجناء رومية. لم يتدخَّل أحد بالطريقة التي قايض بها الحزب أما قضيّتنا فدول كثيرة تدخَّلت على حسابنا. لماذا؟». واعتبرت أن الإشكالية الأساسية تشعّب الأطراف المعنية بالملف. وأعلنت أنها لن تزور شقيقها «أبداً لأنه ليس سجيناً في أحد السجون... فلتعمل الحكومة وخلية الأزمة على تحريرهم لا إعلان التركيز حالياً على تأمين زيارات للعائلات في جرود عرسال». لكن المسألتين الوحيدتين اللتين أجمع الأهالي عليهما هما: لا نقبل أي أحد لإنقاذ أبنائنا إلاّ الدولة اللبنانية لأنهم أبناء المؤسسة العسكرية وخطفوا ببزاتهم العسكرية وإذا أراد الحزب تحريرهم بمفاوضات أو غيرها فالعملية يجب أن تكون تحت جناح الدولة وباسمها. وبرافو على حزب الله الذي نجح في استرجاع أسيره بعد مفاوضات استمرت لأسابيع مع الجهات الخاطفة ولتأخذ الحكومة دروساً في فن التفاوض للاستفادة منها وحل قضيَّتنا»، فيما همس أحد الأهالي أن «عياد ليس أقل خطراً من سجناء رومية». وأعلن رئيس لجنة أهالي المخطوفين من رياض الصلح حسين يوسف والد المخطوف لدى «داعش» محمد يوسف في بيان «التّصعيد بدءاً من يوم غد ومن الممكن أن نقفل مداخل العاصمة بيروت، أي طريق الصيفي- المرفأ. والطرق التي ستقفل لن نُفتح أبداً لأن الخيم ستُنصَب في الطرق»، لافتاً إلى أن هذا التصعيد في بداية مراحله. وقال يوسف: «حزب الله ليس أقوى من الدولة اللبنانية كي يحرر أسيراً له بسرعة من خلال المفاوضات، وكنا نقول إن حزب الله يعرقل المفاوضات وهو ضد مبدأ المقايضة. كيف قبل بالمقايضة وحرر أسيراً؟». وتمنّى على «جبهة النصرة أن تعلن في بيان على تويتر أو عبر أي موقع إلكتروني عن الجهة التي تماطل ولا تريد حلّ الملف». وقال: «فلتتحرك الدولة وإلا سنفقد السيطرة على أنفسنا. ولا أحد يلومنا». وتمنّى أيضاً على «خلية الأزمة المكلفة متابعة الملف أن تحذو حذو حزب الله وتعلن خوض مبدأ المقايضة مهما كان جرم الموقوفين الذين يطالب بهم المسلّحون فهم أصلاً يستطيعون إدارة العمليات من الداخل»، لافتاً إلى أن «هيبة الدولة لن تسقط بإطلاقهم بل على العكس عند استرجاع أبنائها ستكون الدولة حافظت على هيبتها». وقابلت اتّهام الأهالي للحكومة وخلية الأزمة بالتقصير، معلومات يتداولها العسكريون نقلاً عن مصادر متابعة للقضية بالتأكيد أن «المفاوضات مع المجموعات المسلحة مستمرّة والحكومة قامت بما يتوجّب عليها في الرد على الاقتراحات وأن العرقلة لا تكمن عندها بل عند الخاطفين». ولفتت إلى أن «الحكومة بحثت مطالب النصرة الثلاثة ومطلب داعش المتمثّل بإطلاق 5 سجناء من السجون اللبنانية مقابل كل عسكري وكل الجهود تنصب للسير بالخيار الثالث الذي طرحته النصرة في وقت سابق والذي يقضي بإطلاق 5 سجناء من السجون اللبنانية و50 سجينة من السجون السورية مقابل كل عسكري وأن الوسيط ينتظر حالياً عدداً من الأسماء التي سيتم إدراجها في عملية المقايضة وأن النصرة تنتظر اللحظة الأخيرة لإعلان الأسماء». خلية الأزمة وعقدت خلية الأزمة الوزارية المكلفة متابعة ملف العسكريين اجتماعاً في السراي الكبيرة برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام. وأعطى سلام توجيهاته ل«المتابعة وفق المعطيات الجديدة مع ما يتطلبه الأمر من تحفظ عن الإعلان عن الخطوات والإجراءات المتبعة، بما يضمن الوصول إلى النتائج المرجوة». وكان عنصر «حزب الله» الذي تم تحريره وصل إلى منزله في حي الليلكي مساء أول من أمس وسط استقبال شعبي حاشد تقدمه الشيخ نبيل قاووق الذي قال إن الفرحة لن تكتمل إلا بإطلاق سراح العسكريين المخطوفين. وعمّت أجواء الفرح ضاحية بيروت الجنوبية وسمع إطلاق الرصاص وبثت مكبرات الصوت خطباً للأمين العام ل«حزب الله» السيد حسن نصرالله ووزّعت الحلوى.