ينتهي عام يمكن بأمانة اعتباره من أسوأ الأعوام التي مرّت على الدول العربية والعالم، لما شهده من ارتفاع في حدة النزاعات والمآسي، ورحيل شخصيات بارزة عالمية وعربية، لدرجة أن معلّقاً ساخراً اقترح كسر جرّة عند منتصف هذه الليلة، وفقاً لتقليد رائج في ناحيتنا من العالم، يقضي بكسر جرّة (من فخّار) بعد مغادرة شخص غير مرغوب فيه، كي لا يعود. ولكن، على رغم كون الأفق لا يوحي بوجود حلول لأي من الأزمات الحالية، ورغم استمرار إهراق الدماء في دول عربية، لم يتوقف الشباب العربي عن "مطاردة" الأمل في تحسّن ليس على مستوى بلدهم بل على مستوى الوطن العربي كاملاً. فما هي أمنيات بعض هؤلاء للعام المقبل؟ فلسطين آمال الفلسطينيين هي ذاتها آمالهم في العام الماضي والذي سبقه... فهم لا يزالون يرزحون تحت نير الاحتلال والحصار والانقسامات الداخلية، لكن ذلك لا يمنع محمد، وهو محرر صور يعيش في غزة من أن يتمنّى ببساطة أن "نرتاح من قياداتنا كلّها بصاروخ إسرائيلي في ليلة واحدة لأنهم أساس مشكلتنا. على الأقل سيموتون شهداء أمام العالم ونحن نرتاح منهم". وتمنّت تغريد عطالله، صحافية مستقلة من غزة "انتهاء الحصار أو عالأقل تخفيفه، من دون أن يقتصر الأمر على تصريحات إعلامية"، و"انتهاء الانقسامات الداخلية". وكعربية تمنّت أن "يتوقف سفك الدم في البلدان العربية وبشكل خاص في سورية، وألاّ تسوء الأمور في لبنان". ولكن إيمان التي عرّفت عن نفسها بأنها فلسطينية غريبة في بلد عربي، لفتت إلى جانب آخر في القضية الفلسطينية بقولها إنها ترغب في "أن يحبّنا الناس فعلياً وليس فقط على شاشات التلفزة من أجل الرأي العام، بينما هم في دواخلهم يكرهوننا. وأتمنّى أن يتوقّفوا عن اعتبار القضية الفلسطينية كذبة، بل أن يتعاملوا معها على أنها قضية حقيقية ومحقّة، على الأقل احتراماً للإنسان". واختصرت الفنانة ريم بنّا التي أصدرت عام 2013 ألبوماً غنائياً بعنوان "تجلّيات الوجد والثورة" من وحي الحراك الشعبي العربي، أمنياتها للعام الجديد بالقول "أتمنى أن تتحقق كل أمنيات الأحرار في العالم والعالم العربي". لبنان في لبنان، أمنيات كثيرة، بدءاً من عودة الأمن وتوقّف الموت العشوائي، إلى تحسّن الوضع الاقتصادي، فتمنّى ادمون حداد، الممثل والكاتب الساخر "ألاّ يكون حظّي سيئاً وتنفجر قربي سيارة مفخخة، وأتمنّى ألاّ يصيب مكروه أحداً ممن أحبهم"، مضيفاً "أتمنّى ألاّ يكون الشتاء قاسياً لأن هناك أشخاص بلا سقف وأنا لست قادراً على فعل شيء سوى التمنّي". ومن الفنانة أميمة الخليل التي أصدرت هذا العام ألبوماً عنوانه "زمن"، أدّت فيه أغنيات تحاكي الواقع العربي، أمنية من وحي مسرحيات الأخوين رحباني حيث تمنّت أن "يفعل الناس في كل الدول العربية وفلسطين كما في مسرحية ناطورة المفاتيح (حين ترك الشعب للحاكم البلاد ورحل)، ونؤسس حياة بدون أوطان. حياة برّية. ولتبق هذه المدن للسياسيين لأنه لا أمل في أحد منهم وكل الكلام لم يعد يجدي". وتمنّى المدوّن والناشط عماد بزي "عودة الحياة الجمهورية الى لبنان، والتأسيس لحراك سياسي شبابي حقيقي يضع استرجاع المؤسسات وحكم القانون في سلم اولوياته"، وعلى المستوى العربي تمنّى أن "يتم التوصل الى تسوية في سورية تنهي حالة القتل المستمرة وتولد ديمقراطية حقيقية تحاسب النظام وباقي اطراف النزاع على تم ارتكابه في الحرب". وبدت الإعلامية اللبنانية فاتن حموي أكثر تشاؤماً، حين قالت "لو كانت الأمنيات تنفع لكنا حرّرنا فلسطين وأعدنا المفقودين ورفعنا راية العدالة الاجتماعية والسلام في كل البلدان"، مشددة على ضرورة العمل لا التمنّي. ولم تبعتد سحر شرارة (أستاذة جامعية) عن هذا الجو الواقعي الذي يؤكّد لها أن "الأشهر المقبلة لن تستطيع تحقيق كمّ التغيير الذي نحتاج إليه في لبنان. آمل أن يحصل عندنا ما قد يشكل حافزاً للتغيير الكبير الذي نحتاجه (ولا أخفي سراّ أن التفكير بما قد يشكل هكذا حافز يخيفني) كي يجتمع اللبنانيون حول مقومات جامعة هي مواطنيتهم، مهما كانت خلفياتهم الحزبية والدينية". وتوقف الشاب أحمد حنينة، 23 عاماً، عند مخاوف الشباب اللبنانيين من التفجيرات العشوائية، خصوصاً بعد مقتل الفتى محمد الشعّار الذي صودف وجوده في موقع انفجار وسط بيروت قبل أيام، قائلاً "أصبحنا نودّع أهلنا كلّما خرجنا من المنزل لأنها قد تكون آخر مرة يروننا فيها"، متمنياً "الأمان بالدرجة الأولى في العام الجديد". مصر ومن مصر أمنيات لها ولفلسطين والعالم العربي، فعمر سعيد، صحافي، تمنّى أن "تجرى انتخابات رئاسية محترمة ويُحاكم كل قتلة شهداء "25 يناير"، وأن تحترم مصر حق أهل غزة في الحياة، وأن يعود كل اللاجئين السوريين إلى سورية وأن يعيشوا بأمان"، وأضاف أمنية يتشاركها معه معظم الشباب العربي "أتمنّى أن أشرب القهوة على بحر عكا من دون ختم إسرائيلي". وختم على الطريقة المصرية الفكاهية "أتمنّى أن يُفتتح مطعم مصري في بيروت. هذا بصراحة أهم من الأحلام السياسية". وفصّل أحمد القمحاوي (طالب جامعي) أمنيات المصريين للعام الجديد بالقول "أتمنّى كمصري أن نبدأ عدالة انتقالية، وأن نأتي برئيس ينتمي للثورة ويبدأ تغييراً ممنهجاً وغير صدامي"، وكعربي "أتمنّى انتهاء الحرب في سورية ورحيل بشار الأسد والقضاء على داعش وحلفائها". وأضاف "أريد أن تختفي العائلة السياسية في لبنان بمحاصصتها، وأن يحصل الأمر نفسه في العراق، وأن يسقط عمر البشير وأن تولد دولة في ليبيا". تونس من تونس، أمنية على شكل هجوم على المتشددين الإسلاميين الذين وصفتهم منى العلواني (فنانة تشكيلية) بأنهم "متأسلمون يظنّون أن الحوريات أهم من ملاقاة ربّهم ومصلحة بلادهم". العلواني تمنّت أيضاً أن يشبع "الطامعون الذين يملأون جيوبهم على حساب الفقراء والضعفاء" وأن يعود "السياسون الذين يتعاركون على الكراسي متناسين مبادئهم ووعودهم إلى رشدهم، ويكونوا أصحاب كلمة ويفكرون في تونس أولاً وأخيراً". وأضافت "قد يكون ما أطلبه مستحيلاً، ولكنه حلم أنتظر اليوم الذي أستيقظ وأراه قد تحقق". الخليج وفي السعودية، يأمل فهد البركات، مدرّس، "لكافة أفراد الشعب السعودي مزيداً من الاستقرار والرفاهية"، ولدول المنطقة "السلام والأمن"، وكذلك "أن تكون جامعة الدول العربية جامعةً لكلمة الشعوب العربية وموحدةً لصفوفهم". من جهتها، تتمنى ندى السليطي، مصممة مجوهرات قطرية، لبلدها "الحفاظ على الهوية القطرية وحق المواطن مهما بلغ التطور والانفتاح في الدولة"، وللوطن العربي أن "يعمه وأن تعود الحقوق لأهلها". ومن البحرين، أمنية من الدكتور نبيل حسن تمام ب"التوصل إلى حل سياسي في البحرين واليمن ومصر ولبنانوتونس ليبيا وسورية وفلسطين". العراق أما للعراق الذي لم يكن ينقصه ما عاناه من الاحتلال كي تأتيه الأزمات السياسية لتزيد من تمزّقه ومعاناة شعبه، فأمنية من عليا، 33 عاماً، تختصر الواقع العراقي وما يصبو إليه بعض العراقيين من حل للأزمة. تمنت علياأن "يدرك من يحكمون العراق أنهم راحلون لا محالة وأن يكتفوا بما سرقوه ويعودون من حيث أتوا، من دون أن ينتظروا دبابات الاحتلال التي جاءت بهم لتعيدهم". أما هدى، 24 سنة، فتقول "أتمنى من الله عز وجل أن يحمي جميع العراقيين الشرفاء سنّة وشيعة ومسيحيين وعرباً وأكراداً... وأن تعود المحبة التي كانت تجمعنا". الأردن من الأردن، أمنية من المحيط إلى الخليج يعبّر عنها داوود الماني، مراسل صحافي، "أمنياتي بإنعتاق إنساني شامل لهذه الأمة عام 2014"، قبل أن يضيف جرعة أمل رغم قساوة العام المنصرم "سأبقى متمسكاً بالأمل وبغد أكثر إشراقاً وأفضل، ينجح في تضميد الجراح في سورية والعراقولبنانوفلسطينالمحتلة والخير لبلدي الأردن". سورية أما آمال السوريين فتقول عنها ساشا التي لم تغادر دمشق منذ انطلاق الثورة وعلى رغم ارتفاع مستوى العنف وتدهور الوضع المعيشي، "في العام الماضي كبرنا ثلاثين عاماً على الأقل والآن لم يعد لدينا أمنيات مثل أن نتمنى الحياة السعيدة للوطن، أو أن يسقط النظام أو أن يعود النازحون. كل ما أتمنّاه هو أن يعود التيار الكهربائي، مثلاً، وأن يكون لدينا إنترنت جيّد لأننا محاصرون. فعلى الأقل نتواصل مع العالم الخارجي افتراضياً". وتختم بما يعبّر عن سوريالية الوضع داخل سورية "لقد دخلنا في آلة الزمن". ويذهب أحمد غالية، مهندس معمار سوري، إلى دعوة السوريين إلى التوقّف عن "جلد أنفسهم لأنهم هم من قاموا بهذه الثورة. وهذا الثمن سندفعه عاجلاً أم آجلاً"، مضيفاً أنه "بعد الثورة سيخرج منتج جديد أسوأ ربما ولكن التغيير هو سنّة الشعوب". من جهته تمنّى، شادي أو كرم، ناشط سوري، أن تحمل السنة المقبلة "بعض السلام لبلادنا بعد أن أتخمنا بالحروب والنزاعات والموت اليومي. كما أنني أتمنى أن أجلس على طاولة الطعام من دون أن أتألم لجوع طفل في سورية، ومن دون أن أضطر إلى مسح الدماء عن وجهي، دماؤنا المتطايرة عبر الفضائيات". ويتمنى طارق بلال، رائد أعمال سوري في قطر، أن "يصحو الشعب العربي من غيبوبته وانفصاله عن الواقع وفرقته وانجراره الأبدي وراء الفتن، علّنا نعيد ولو بعض الأمل بمستقبل أفضل". ويضيف طلباً مختصراً جداً للسوريين "أقول لهم فقط "حبّو بعض".