لا يكتمل الحديث عن الثورة السورية من دون الوقوف عند الرسوم الكاريكاتورية الفكاهية واللافتات الساخرة للناشطين المعارضين في بلدة كفرنبل التي لم تسلم شخصية سورية موالية أو معارضة من النقد الذي تضمّنته والتي نالت جميع الأحداث السورية والمناسبات والمؤتمرات المرتبطة بالأزمة في هذا البلد حصّة من سخريتها. وبرز اسم كفرنبل الواقعة في محافظة إدلب (شمال غرب)، بقوّة في اليومين الماضيين مع قيام عناصر من الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) المرتبطة بالقاعدة، باقتحام مقر مكتبها الإعلامي ليل السبت وسرقة معداته واحتجاز عاملين فيه لساعات، وذلك احتجاجاً على رسم كاريكاتوري ينتقد "الدولة الإسلامية". ومنذ بدء الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد منتصف آذار/مارس 2011، اكتسبت كفرنبل شهرة من خلال التظاهرات التي تشهدها كل يوم جمعة، وترفع خلالها رسوماً كاريكاتورية وشعارات ساخرة تنتقد قصف القوات النظامية لمناطق واسعة من سورية، و"صمت المجتمع الدولي تجاه "المجازر". ومن الرسوم الحديثة التي رفعت الأسبوع الماضي تزامناً مع عيد الميلاد، واحدة تصوّر "برميلاً متفجراً" يسقط على مدينة حلب، إلاّ أن انفجاره أدى إلى نمو أغصان خضراء تعلوها قبعة "بابا نويل". ويشير الرسم إلى القصف الجوي "بالبراميل المتفجرة" الذي تعرّضت له حلب وريفها منذ منتصف الشهر الجاري وأدى إلى مقتل 517 شخصاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وعلى رغم تراجع وتيرة التظاهرات الأسبوعية، ثابر أهالي كفرنبل على رفع شعاراتهم التي تلقى انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. والأحد نشر المكتب الإعلامي للبلدة على موقع فيسبوك بياناً جاء فيه أن "عناصر يتبعون لفصيل دولة الاسلام في العراق والشام قاموا بتطويق مبنى المكتب الاعلامي (...) ودخلوه مدججين بالسلاح" مساء السبت 28 كانون الاول/ديسمبر. ويضم المقر المكتب ومحطة إذاعية و"باص الكرامة" وهو مشروع يقيم فيه ناشطون متطوعون نشاطات ترفيهية وتعليمية للأطفال النازحين. وأضاف أن المسلحين أرغموا الناشطين على "الانبطاح على الأرض ووضع ايديهم فوق رؤوسهم"، قبل أن يقوموا بسرقة معدات منها أجهزة كومبيوتر وكاميرات ومعدات بث، ويعتقلوا ستة أشخاص. وفي حين أطلق سراح الموقوفين بعد ست ساعات، بقيت المعدات والأجهزة في حوزة "الدولة الاسلامية. واعتبر المكتب الاعلامي ان المسلحين "يسعون للنيل من النشطاء المسؤولين عن الرسم الكاريكاتوري الذي حُمل في إحدى تظاهرات كفرنبل، والذي يصوّر رجلاً من هذا الفصيل يضرب مقاتلاً من الجيش الحر في ظهره"، في إشارة الى معارك دارت خلال الاشهر الماضية بين مقاتلين معارضين وآخرين جهاديين في مناطق عدة من سورية. وشدد المكتب الاعلامي في بيانه على أن "كفرنبل مستمرة في حراكها ولن توقفها كل مشاريع الخوف الذي يحاول البعض زرعها". وبرزت خلال الأشهر الماضية نقمة شعبية في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة على المجموعات الجهادية وتشددها في تطبيق الإسلام، وتنفيذها عمليات خطف وقتل لا سيّما في حق الأجانب، وبينهم صحافيون. واليوم دان المجلس الوطني السوري المعارض قيام عناصر "داعش" باقتحام المكتب الاعلامي لكفرنبل التي وصفها بأنها "المدينة التي حملت صوت ثورة الحرية وصورتها المشرقة إلى العالم".