تواجه اليونان تحدياً جديداً بتوليها الأربعاء الرئاسة الدورية نصف السنوية للاتحاد الأوروبي، مع انتهاجهها سياسة تقشف صارمة لتصحيح اقتصادها، ومع الانتخابات الأوروبية المرتقبة في أيار (مايو) المقبل. ويمكن أن تكون نتائجها مثابة رسالة للاتحاد الأوروبي بعد ست سنوات من الأزمة. وأكد وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله، أن الأوروبيين «لن يتركوا اليونان تسقط»، متوقعاً أن «تبرهن الرئاسة (اليونانية للاتحاد الأوروبي) للشعب اليوناني على أن مستقبله هو في أوروبا». واعتبر أن «هذه المهمة تشكل مصدر هوية وفخر وثقة في النفس»، مؤكداً أن «رئاسة الاتحاد تمثّل فرصة كبيرة للبلاد ولأوروبا». لكن الخبير الاقتصادي في معهد «بروغل للبحوث» في بروكسيل زولت درفاس، لا يرى في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، أن «هذه الرئاسة ستكون هادئة كغيرها»، متوقعاً أن «تكون صعبة جداً بالنسبة إلى اليونان بسبب مشاكلها الذاتية، والضغط الذي تضعه انتخابات البرلمان الأوروبي على أجندتها». وبسبب الأضرار الاجتماعية الناجمة عن الأزمة، يُرجّح أن «يسجل المشككون في أوروبا بكل توجهاتهم تقدماً في الانتخابات المرتقب إجراؤها بين 22 و25 أيار المقبل في الاتحاد الأوروبي. ووضع استطلاع للرأي لمؤسسة «ايفوب» في تشرين الأول (اكتوبر)، الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة على رأس نوايا التصويت في فرنسا. وفي اليونان يحتل حزب «سيريزا» اليساري الراديكالي الطليعة، ويطالب الدائنين (البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي) ب «خفض كبير» لديون البلاد، مع المجازفة بتخويف الأسواق أمام حزب الديموقراطية الجديدة بزعامة رئيس الوزراء انتونيس ساماراس. وحزب «الفجر الجديد» اليميني المتطرف يأتي بقوة في الموقع الثالث على رغم توجيه الاتهام إلى ستة من نوابه ال 18 (ثلاثة أودعوا السجن بينهم مؤسسه «نيكوس ميخالولياكوس») بعد اغتيال ناشطين في «الفجر الجديد» موسيقياً مناهضاً للفاشية في أيلول (سبتمبر) الماضي. وفي ظل هذه الظروف المتوترة بسبب خطة تصحيح المالية العامة التي فرضتها الترويكا على اليونان، سيتوجه اليونانيون أيضاً إلى صناديق الاقتراع في اطار الانتخابات البلدية في 18 و25 أيار المقبل. لكن ساماراس الذي يترأس ائتلافاً يواجه صعوبات كثيرة، إذ لم يعد يحظى سوى ب 153 نائباً من أصل 300، قد يثقل هذه الأجندة مع إجراء انتخابات عامة مبكرة في الخريف أو حتى اعتباراً من أيار. وربما يحقق في هذه الانتخابات الوطنية نتيجة إيجابية، في حال قررت ترويكا الدائنين تبعاً للتقدم المنجز في نيسان (إبريل) المقبل، عدم فرض حزمة جديدة من التدابير المؤلمة على اليونان. وهو يبدي تفاؤله بالنسبة إلى رئاسة الاتحاد وكان أعلن أن الرئاسة «ستكون مفعمة بالأمل، مزيد من الأمل لأوروبا أفضل». وحذر وزير الشؤون الأوروبية اليوناني ديمتريس كوركولاس، من أن الرئاسة «ستركز على المشاكل الأكثر إلحاحاً للمواطنين الأوروبيين» مثل الهجرة والعمل وتطبيق الاتحاد المصرفي والسياسة البحرية. وأوجز ديبلوماسي أوروبي الأمر بقوله إن من شأن أي رئاسة ناجحة أن تؤكد أن «أوروبا تحمل رداً واضحاً على التطلعات الشعبية». ورأى نيكوس كونستانداراس أحد مسؤولي صحيفة «كاثيميريني» الليبرالية، أن اليونان «ستكون مدعومة من نظرائها خلال توليها هذه المهمات. وتدرك كل أوروبا ضرورة إظهار ما من شأنه منع تقدم النزعة الشعبوية». وكان وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي تييري ريبانتان زار أثينا لتسليم رسالة بهذا المعنى، وأوضح حينها أن فرنسا «ستكون بوضوح إلى جانب اليونان كي تنجح في هذه الرئاسة من أجل صورتها وأوروبا». وتنوي اليونان التي تتولى رئاسة الاتحاد للمرة الخامسة منذ العام 1981، عقد 14 اجتماعاً على المستوى الوزاري و120 اجتماعاً آخر. لكن ليس وارداً الإسراف في الإنفاق، لأن الرئاسة ستكون «صارمة» في هذا الشأن، على ما أعلن كوركولاس، آملاً في «توفير جزء من 50 مليون يورو مقررة». وهكذا لن تُعقد اجتماعات في الجزر بعد الآن، بل ستلتئم في أثينا. وستقدم السيارات مجاناً، شركة لصناعة السيارات، كما «لا ربطات عنق ولا أوشحة» تقدم هدايا للوفود بل في أقصى الحالات «دفاتر وأقلام» وفق كوركولاس.