أكد اقتصاديون ومصرفيون أن شركات الوساطة في سوق الأسهم السعودية تعاني من تراجع إيراداتها، إذ أشار تقرير اقتصادي إلى أن دخل عمولات الوساطة انخفض بنحو 45 في المئة خلال الأشهر التسعة الماضية مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وعزا المصرفيون والاقتصاديون سبب انخفاض دخل عمولات الوساطة في سوق الأسهم السعودية إلى تدني حجم التداولات التي لا تعكس حقيقة السوق السعودية وضعف السيولة، مؤكدين أنه يفترض ألا تقل التداولات اليومية عن 10 بلايين ريال، مشيرين إلى أن شركات الوساطة التابعة للمصارف تستحوذ على نسبة كبيرة من عمليات التداول قد تتجاوز 85 في المئة، إضافة إلى أن هيئة سوق المال سنت عدداً من القوانين بهدف تقنين المضاربة والتحول إلى الاستثمار، ما أسهم في تراجع حجم العمولات. وكان تقرير حديث أصدره بنك البلاد أخيراً، حول أداء المصارف السعودية المدرجة في السوق المالية كشف عن انخفاض عمولات الوساطة في الأوراق المالية بنسبة 45 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتقلص عدد شركات الوساطة في الأوراق المالية بالسوق السعودية إلى 30 شركة حالياً من أكثر من 80 شركة في وقت سابق. وقال المصرفي فضل بن سعد البوعينين إن عمولات شركات الوساطة ترتبط بحجم التداولات الفعلية في السوق، إذ إن هناك علاقة طردية بين حجم العمولات المحصلة وبين حجم التداول، وبالرجوع إلى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على سبيل المثال نجد أن مجمل القيمة المتداولة للأسهم تبلغ 94.91 بليون ريال، نتجت من نحو 1.56 مليون صفقة، وهو حجم متدن لا يعكس حقيقة السوق السعودية التي يفترض ألا تقل تداولاتها اليومية عن 10 بلايين ريال، مؤكداً أن هذا هو السبب الرئيس لتدني حجم عمولات الوساطة. وأضاف أن رفع حجم التداولات اليومية يعني زيادة حجم العمولات، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن غالبية شركات الوساطة تعتمد على خفض العمولات لعملائها المميزين وهذا يخفض حجم صافي العمولات التي تحصل عليها شركات الوساطة من التداول. وأعرب البوعينين عن اعتقاده بأن حجم شركات الوساطة المصرح لها يفوق بكثير حجم السوق وحاجته، ولو استثنينا شركات الوساطة التابعة للمصارف، إضافة إلى بعض الشركات المستقلة ذات الجودة والكفاءة والملاءة، لقلنا أن هذا العدد يكفي لتغطية السوق، ومن هنا أعتقد بأن شركات الوساطة الحالية مطالبة بالاندماج في ما بينها لخفض التكاليف وزيادة الربحية وتكوين مؤسسات قوية يمكن أن تنافس شركات الوساطة التابعة للمصارف التي تسيطر حالياً على سوق الوساطة المالية. ووصف التوسع في إعطاء تراخيص الوساطة بأنه أمر غير صحي ما لم تكن الشركات المصرح لها قادرة على المنافسة في السوق، وهذا يبدو مستحيلاً في وجود شركات الوساطة القوية التابعة للمصارف التي تستفيد من قاعدة عملاء المصارف لزيادة حصتها في السوق، بعكس شركات الوساطة المستقلة التي تعاني كثيراً في تأمين حصتها التي تساعدها في الربحية والاستمرارية. ورأى البوعينين أن السوق السعودية ما زالت مغرية للمستثمرين، فالشركات المدرجة ما زالت تحقق نمواً مرتفعاً في ربحيتها، وهذا محفز للمستثمرين الباحثين عن العوائد الناجمة عن التوزيعات النقدية والعوائد الرأسمالية أيضاً، مشيراً إلى أن السوق تحتاج إلى قادة حقيقيين يستطيعون قيادتها باقتدار ويتعاملون مع البيانات الاقتصادية المحفزة بكفاءة عالية كما يحدث في الأسواق العالمية. وأوضح أن السوق اليوم أصبحت سوق مستثمرين وهؤلاء لا يسهمون كثيراً في تنشيط حركة التداول اليومية، ولا يسهمون في دفعها إلى الأمام ما يعني أن السوق في حاجة إلى زخم التداول اليومي وصناعتها بطريقة احترافية تجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين والمضاربين في آن واحد، وهذا كفيل بجذب مزيد من الرساميل إليها، وكفيل أيضاً بسحب جزء من الأموال المستثمرة في سوق العقار تدريجياً، بما يساعد في خفض التضخم في السوق العقارية ومساعدتها في التصحيح الممنهج بدلاً من الانهيار لا قدر الله.