تواصلت جلسات الحوار الوطني في تونس أمس، لمواكبة تقدم مسارات صياغة الدستور وتشكيل الحكومة والقانون الانتخابي وهيئة الانتخابات، في ظل تفاءل حذر من قبل المشاركين بشأن استكمالها في منتصف الشهر المقبل. وأكد النائب المعارض نعمان الفهري في تصريح إلى «الحياة»، إنهاء لجنة التوافقات حول الدستور أعمالها أمس، بانتظار عرضها على الفرقاء السياسيين قبل الانطلاق في المصادقة على مشروع الدستور مطلع الأسبوع المقبل. وكانت الكتل النيابية شكلت في السابق «لجنة التوافقات» للنظر في النقاط الخلافية في الدستور الجديد تسهيلاً للمصادقة عليه، علماً أنها تستوجب أغلبية الثلثين في مجلس التأسيسي، ما يفرض توافقاً بين الإسلاميين والعلمانيين حول نقاط عدة، خاصةً موقع الشريعة من الدستور وعلاقة الدين بالدولة والمحكمة الدستورية والأحكام الانتقالية. وصرح القيادي في الاتحاد العام التونسي للشغل أبو علي المباركي إلى «الحياة»، أن «التوافقات بين الفرقاء بخصوص مشروع الدستور قد تسهل الانتهاء من المصادقة عليه قبل منتصف الشهر المقبل»، معرباً عن الأمل في الانتهاء من تشكيل الحكومة والهيئة الانتخابية في التاريخ المحدد. ولا تزال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تشكّل العقبة الأكبر أمام المجلس التأسيسي، حيث تعطل تشكيلها عدة مرات بسبب طعن المحكمة الإدارية (محكمة فض النزاعات الإدارية والتشريعية) في قانونية الانتخاب، إذ قرر «التأسيسي» انتخاب تسعة أعضاء للهيئة الانتخابية من بين 400 مرشح دون المرور عبر لجنة فرز الترشيحات المطعون في قانونيتها. وكان «مجلس الحوار الوطني» حدد في وقت سابق، يوم 14 يناير (ذكرى مرور ثلاث سنوات على هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي) كحد أقصى للانتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة والمصادقة على الدستور الجديد. وفي سياق متصل، بدأ رئيس الوزراء المتفق عليه مهدي جمعة مشاورات مكثفة مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، لتشكيل حكومة الكفاءات العتيدة، وذلك قبل تكليفه رسمياً من قبل رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي. وبحسب القانون المؤقت لتنظيم السلطات (الإعلان الدستوري) فإن رئيس الجمهورية سيكلف جمعة رسمياً بتشكيل الحكومة بعد استقالة الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية، لكن ضيق الوقت دفع الأخير إلى الانطلاق في مشاورات غير رسمية لتوضيح معالم تشكيلته الحكومية التي يأمل الفرقاء أن تكون جاهزة لنيل الثقة مباشرة بعد استقالة حكومة العريض.