يواصل المجلس الوطني التأسيسي في تونس استكمال انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي ستشرف على الانتخابات المقبلة، وسط خلافات على «الصوت المرجّح» بين نواب الغالبية والمعارضة. وكان المجلس قد انطلق منذ الأسبوع الماضي في عملية انتخاب تسعة أعضاء للهيئة الانتخابية من بين 36 مرشحاً. وبعدما توصلت الكتل النيابية إلى انتخاب ثمانية أعضاء من أصل التسعة، فشلت الجلسة العامة في انتخاب العضو التاسع بعد ست دورات اقتراع باعتبار ان أحداً من المرشحين لم يحصل على النسبة التي تسمح له بالصعود إلى الهيئة الانتخابية. وتجدر الإشارة إلى أن المقعد المتبقي هو المرجّح باعتبار أن المجلس انتخب ثمانية أعضاء بالتوافق بين الغالبية والمعارضة وبقي المقعد التاسع محل تنازع بينهما حيث يسعى كل طرف إلى ترشيح شخصية قريبة منه. وفي خطوة مفاجئة، قدّم المحامي كمال بن مسعود، عضو الهيئة المستقلة للانتخابات عن قطاع المحاماة، استقالته من الهيئة بعد أربعة أيام من انتخابه بسبب ما اعتبره «اعتراضاً مسبقاً» على توليه منصب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بحسب ما قال، وهو ما يجعل المجلس التأسيسي أمام إشكال قانوني في خصوص كيفية إعادة انتخابه. واضطر المجلس إلى إحالة القضية على المحكمة الإدارية التي يلجأ إليها المتنازعون في ظل غياب محكمة دستورية في البلاد. ويتمتع رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بامتيازات وزير بحسب القانون التونسي. وقد تحدث العضو المستقيل كمال بن مسعود إلى «الحياة» عن وجود «اتفاق سري في كواليس» المجلس التأسيسي يقضي بإقصائه من الترشح لرئاسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محذّراً في الوقت ذاته من «التجاذبات الحزبية والمحاصصة السياسية التي تسيطر على عملية انتخاب الهيئة» التي ستشرف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتوقع إجراؤها أواخر العام الحالي أو مطلع العام المقبل. وكان التنافس حول رئاسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتراوح بين الخبير الدستوري المعروف شفيق صرصار المدعوم من المعارضة، والعضو المستقيل كمال بن مسعود المدعوم من حركة «النهضة» الذي كان عضواً في الهيئة العليا لحقوق الإنسان زمن الرئيس السابق زين العابدين بن علي. لكن تقارب موازين القوى في المجلس التأسيسي يمنع أي طرف من تمرير مرشحه لعدم حيازته على الغالبية المطلقة، ولذلك تتجه الغالبية والمعارضة إلى التوافق حول «شخصية محايدة» من بين المرشحين، بحسب ما صرح به النائب عن «الكتلة الديموقراطية» المعارضة محمود البارودي إلى «الحياة» الذي لمح إلى إمكان التوافق حول القاضي في المحكمة الإدارية مراد بن مولى رئيساً للهيئة الانتخابية. وقد تمكن المجلس التأسيسي حتى الآن من انتخاب كل من نبيل بفون ومراد بن مولى (وهما عضوان من الهيئة السابقة لمراقبة الانتخابات التي رأسها الناشط الحقوقي كمال الجندوبي والتي أشرفت على انتخابات المجلس التأسيسي في تشرين الأول/أكتوبر 2011) وكمال بن مسعود (مستقيل) وشفيق صرصار ورياض بوحوش ومخايل فنيش وفوزية الإدريسي ولمياء الأسود. وتسعى مكونات الساحة السياسية الى الإسراع بإنتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والانتهاء من المصادقة على مشروع الدستور بعد ادخال التعديلات المتوافق عليها من قبل الفرقاء السياسيين والتوجه نحو الانتخابات الرئاسية والتشريعية والتي تعهد رئيس الحكومة علي العريض أول من أمس بإجرائها أواخر العام الجاري أو مطلع العام المقبل. ويأتي كل ذلك في ظرف صعب تعيشه البلاد بعد تصاعد دعوات من قوى سياسية وشبابية بتكرار «السيناريو المصري» في تونس وحل المجلس التأسيسي وإسقاط الحكومة وكل السلطات المنبثقة عن المجلس.