هدية البروفيسور الفرنسي طبيب القلب الان كربانتيي لبلده وللعالم قلب اصطناعي صنعه مع شركة «كارما» التي أسسها بعد البحث والدرس في الموضوع لمدة ربع قرن. لقد تم زرع هذا القلب الاصطناعي على يد الجراح الفرنسي البروفسور كريستيان لاتريموي وفريقه الطبي يوم 18 من هذا الشهر في جسد مريض في سنه ال 75 في المركز الطبي الفرنسي الأوروبي مستشفى جورج بومبيدو. والرجل الذي تم زرع القلب له كان على وشك الموت. وبحسب المستشفى أن المريض تحت رقابة في عناية خاصة وقد استيقظ يوم الجمعة الماضية وتمكن من التكلم مع عائلته بحسب بيان شركة «كارما» التي أسسها كاربانتيي عام 2008 وصنعت هذا القلب الاصطناعي. على رغم أهمية هذا الاختراع والبحث العلمي والطبي الذي قام به البروفسور كاربانتيي بعد 25 سنة من العمل الدؤوب والبحث البعيد عن الأضواء بقيت «كارما» حذرة جداً في توقعاتها إذ إن بيانها بعد عملية الزرع كان السرور للتوصل إلى هذا الاختراع العلمي الكبير المقترن بالتحذير من عدم استباق النتائج من الزرع الأول الذي تم والفترة القصيرة التي ما زالت بعد العملية. حتى ولو لم يتمكن من إطالة عمر المريض فان مما شك فيه أن كاربانتيي ساهم بشكل يثنى عليه في التقدم العلمي في هذا المجال. ويقول الدكتور فيليب بوليتي وهو المشارك مع كاربانتيي في تأسيس «كارما» التي صنعت القلب الاصطناعي إن هذا القلب صنع لمرضى يعانون من مرض في القلب على وشك الموت وهم يمثلون حوالي مئة ألف في أوروبا والولايات المتحدة ومنهم 5 أو 7 في المئة فقط يتمكنون من الحصول على زرع قلب إنسان لقلة الحصول على قلوب حقيقية للزرع. إن هذا الابتكار العلمي والصناعي يستحق كل التقدير ويشير على رغم كل ما يقال عن الوضع الاقتصادي والبطالة والتشاؤم السائد في فرنسا أنها بلد عريق ومهم وفيه الكثير من الطاقات على جميع الأصعدة. ففرنسا ليست فقط بلد الذوق والموضة وفن الطبخ وجمال الطبيعة وجمال العاصمة والتاريخ العريق. فهي أيضاً صنع الفرنسيين. فالأجنبي الذي يزور باريس أو بعض المدن الكبرى في فرنسا كثيراً ما يستاء من ضيق أخلاق الفرنسيين وأحياناً قلة أدبهم. إلا أن الفرنسي على رغم كل طاقاته يفتقد ثقته بالنفس وكثيراً ما يضيع فرصاً في التقدم والنجاح لهذا السبب. فالنجاح العلمي للبروفيسور كاربانتيي هو نجاح فرنسي يستحق أن يفتخر به المواطن الفرنسي. ولكن كثيراً ما نرى أن المواطن الفرنسي متشائم إزاء أحواله ومستقبله ويفتقد الثقة بمستقبله على رغم أن بلده من أجمل دول العالم وأرقاها على رغم كل المساوئ الموجودة. فلا شك أن خبر اختراع كاربانتيي للقلب الاصطناعي جاء يعطي أملاً للقلوب الفرنسية أن بلدهم فيه الكثير من الإبداع وأن مستقبلهم ليس فقط الضرائب والأعباء المالية وتراجع قوتهم الشرائية بل هو أيضاً مستقبل واعد بأمثال كاربانتيي وأطباء فرنسيين من أصل أجنبي وعربي. ففي جراحة القلب هناك اللبناني الفرنسي الدكتور غبرييل غريب الذي توجته مجلة فرنسية أفضل طبيب قلب. وفي مجال الكتابة كتاب فرنسيون من أصل لبناني وعربي مثل أمين معلوف أو الطاهر بن جلون ومخرجون سينمائيون من مبدعين في المجتمع الفرنسي. ليت المواطن الفرنسي يشبّه ما يعيشه في مجتمعه بما تعيشه بعض المجتمعات العربية في عدد كبير من الدول ليقول لنفسه إنه في ألف خير مقارنة مع ما تعيشه بعض الدول العربية التي ليست بعيدة جداً عنه.