أقف عند بعض القرارات باستياء تام، ليس من أجل القرار ذاته لأنه لا يعنيني من قريب ولا من بعيد، إنما أسوق الاستياء على توقيت القرار وتقديمه في هذا الشكل، على رغم أن تأجيله قليلاً أو تبكيره كثيراً أو ستره حتى يكشف الله له أمراً أهون وأخوف من أن نحضره ونحن الذين ننتظر قرارات تمس العامة لا الطبقة المخملية، وقرارات تداوي لا تجرح أو أخرى تجرح وتداوي على وجه السرعة، بالأمس ونظراً للارتفاعات التي طرأت على سوق بيع السيارات بالمملكة، قررت وزارة المالية رفع الحد الأعلى للمبالغ المدفوعة لقيمة السيارات التي تؤمن لكبار مسؤولي الدولة، ابتداء من السنة المالية المقبلة 1435-1436، ومسؤولو الدولة المعنيون هم مسؤولو العيار الثقيل كالوزراء وشاغلي المرتبة الممتازة وكذلك المرتبة ال15. أن يرتفع السقف الأعلى لقيمة سيارة معالي الوزير أو السيد المسؤول، فذاك حق مشروع فلا أظن ولو لثانية واحدة أن معاليه/ سعادته كان يعد هذه الجزئية من صلب اهتمامه أو ناضل من أجلها كي لا نكون هجوميين للدرجة التي لا نصل بها لشيء ولا تجعلنا في خط متوازن مع هذا القرار ونحن الذين لا نملك يداً على تغييره أو الوقوف بوجهه، صمت وزارة المالية طوال عام كامل وخروجها بمثل هذا القرار المتسرع على صعيد التوقيت سيقرأ من المواطن المنتظر لملامسة متطلباته وحاجاته بأنه امتداد للعلاقة المتوترة بين المالية والمواطن واتصال متقن للشوفينية القديمة المتجددة التي تبنتها الوزارة في شكل غير مقصود أو بطريقة غير خبيرة في التعامل مع معطيات الواقع ودرس كيف يكون الحضور المتزن وانتقاء الجمل المناسبة التي تقود لتفاؤل وحزمة من التطمينات، لا تلك التي تعكس أن وزارة المالية تغرد خارج السرب ومستوى تركيزها واستجابتها مقدرة بأن يكون المعني أو المستفيد مسؤولاً رفيعاً في الدولة. أخطأت وزارة المالية حين أعلنت عن هذا القرار مع نهاية السنة المالية ومع انتظار المواطنين لموازنة عام مقبل وهم الذين يسوقون التباشير ويرسمون الخطط القصيرة والطويلة الحالية والمستقبلية بعيد مساء إعلانها، تفتقر وزارة المالية لمستشار اجتماعي يمكنها ويساعدها في أن تقول ما تريد في توقيت يكون فيه الآخرون مشغولين بمهمات أخرى أو بسطر مستقر لا مستفز، فبماذا ستجيب وزارتنا حين يقول لها أحد هل اعترافكم بوجود ارتفاع في الأسعار منحصر في ركن السيارات فقط؟ ماذا عن المصاريف اليومية للمواطن، أم أن النظر فيها متعلق بضرورة أن على المواطن الانتظار لأن يصبح مسؤول دولة؟ حق على وزارة المالية أن تكرم مسؤولي الدولة، لكنه لازم عليها أن تفكر في غيرهم، وإلا فعلى المواطن أن يكتفي بتدوين مرئياته حول الورطة الدائمة عند مخاطبة معالي الوزير أو السيد المسؤول فهل نقول: أطال الله عمره/ سلمه الله/ أبقاه الله/ وفقه الله/ حفظه الله/ المحترم/ الموقر؟ ولوزارة المالية أن تقرر المناسب منها بحسب قيمة السيارة المصروفة لتصنع قراراً يمس المواطن ومسؤول الدولة في آن واحد بلا استنزاف لمدخرات وزارتنا طال عمرها. [email protected] alialqassmi@