انطلقت في جنوب اليمن أمس حركة احتجاجات واسعة أطلق عليها اسم «الهبة الشعبية»، رداً على مقتل زعيم قبلي في اشتباك مع جنود مطلع الشهر الجاري في مدينة سيئون (كبرى مدن وادي حضرموت). ودعا رجال القبائل في حضرموت إلى هذه «الهبة الغاضبة» تحدياً للسلطة، وأيدهم «الحراك الجنوبي» الرامي إلى الانفصال عن الشمال، في وقت تشهد البلاد عملية انتقالية وصراعاً على السلطة. وأكدت مصادر محلية ل «الحياة» في حضرموت سقوط قتلى وجرحى خلال مواجهات مع قوات الأمن التي انتشرت بكثافة في مداخل المدن، وحول المنشآت الحيوية في المحافظة، وتمكنت من الحيلولة دون سيطرة المحتجين على مقر إدارة الأمن في سيئون. ولوحظ أن المواطنين الشماليين بدأوا عملية نزوح كبير من المحافظة، خوفاً من تطور الأمور إلى الأسوأ. وأضافت: «أن الآلاف احتشدوا في المكلا (مركز محافظة حضرموت) بعد صلاة الجمعة، فيما سيطر مسلحون على مقر إدارة الأمن من دون مواجهة، ورفعوا عليها الأعلام الجنوبية وصور الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض». وأكدت: «أن المحتجين أحرقوا مركزاً للشرطة في المكلا، بعد اقتحامه وتهريب محتجزين على ذمة قضايا جنائية وإتلاف أرشيفه، كما أحرقوا سوقين شعبيتين لبيع القات وامتدت النار إلى عدد من المحلات المجاورة، في حين أصيب ثلاثة أشخاص على الأقل في مواجهات مع باعة من المناطق الشمالية». وانقطعت شبكة الاتصالات عن مدن الجنوب لمدة 15 ساعة. وقالت السلطات إن انقطاعها جاء بسبب أعمال تخريبية، فيما أكد ناشطون جنوبيون «أن العملية مدبرة»، متهمين السلطات ب «محاولة إجهاض الاحتجاجات» التي امتدت من حضرموت إلى محافظات عدن وأبين وشبوة والضالع ولحج. وحاول مسلحون يعتقد بأنهم من أنصار تنظيم «القاعدة» اقتحام السجن المركزي في مديرية المنصورة التابع لمحافظة عدن قبل أن تسيطر قوات الأمن على الموقف، وأشعل المحتجون الإطارات في الشوارع، في حين تمكن مسلحو «الحراك الجنوبي» في مدينة الضالع من السيطرة على المباني الحكومية ورفع الأعلام الجنوبية عليها، كما أغلقوا الطرق الواصلة بين الشمال والجنوب عند النقاط الحدودية التي كانت قائمة قبل وحدة البلاد عام 1990. وأعلنت لجنة التنسيق التي دعت إلى «الهبة» أن الاحتجاجات «ستستمر من دون تحديد سقف زمني، حتى تحقيق أهدافها»، في وقت تشهد مدن الجنوب عموماً، وحضرموت تحديداً نزوحاً جماعياً لأبناء مناطق الشمال خوفاً من أعمال العنف التي تغذيها خطابات الكراهية المناطقية وتتبناها أطراف سياسية تسعى إلى انفصال حضرموت تمهيداً لسقوط باقي مناطق الجنوب.