تلقت حكومة رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بن كيران ضربة قوية من المعارضة، إذ تجمعت الكتل النيابية لأحزاب «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» و «الأصالة والمعاصرة» و «الاتحاد الدستوري» لإسقاط مشروع الموازنة المالية لدى عرضه على مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) الخميس. وصوت 95 مستشاراً ضده في مقابل 56 ينتسبون إلى الائتلاف الحكومي صوتوا لمصلحته. وعلى رغم أن إسقاط الموازنة لا يترتب عليه غير إعادة طرحها في قراءة ثانية أمام مجلس النواب حيث يحظى الائتلاف الحكومي الذي يضم «العدالة والتنمية و «تجمع الأحرار» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية» بغالبية مريحة، فإن البعد السياسي للحدث يكمن في حشر الحكومة في الزاوية للمرة الأولى منذ اقتراع تشرين الثاني (نوفمبر) 2011. ورأى مراقبون أن الموقف أشبه ب «إنذار سياسي» إلى الحكومة لحضّها على إدخال تعديلات اقترحتها فصائل المعارضة، لكنه يفاقم التوتر بين الطرفين. وتعتبر المرة الأولى التي ينهار فيها مشروع موازنة أمام مجلس المستشارين، ما يحتم إدخال الحكومة تعديلات تتماشى مع رغبات المعارضة. وتضم الغرفة الثانية ممثلين عن النقابات وغرف التجارة والزراعة والصناعة والمجالس البلدية، ما يضفي على الحدث بعداً يعكس جانباً من الأزمة الاقتصادية في البلاد. ورجحت مصادر تفاعل المواجهة بين المعارضة والحكومة في حال عدم قيام وفاق جديد، يبدأ على إيقاع معاودة الحوار الاجتماعي بين النقابات وأرباب العمل والحكومة في وقت لاحق. وتلقى «تجمع الأحرار» الذي عوض وزراء الاستقلال المنسحبين من الحكومة، صفعة قوية، كونه يدير قطاع المال والاقتصاد. وأفلحت كتلتا «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» في حشد فصائل المعارضة لالتزام موقف مناهض لمشروع الموازنة الذي خلا من وجهة نظرها حيال إصلاحات جوهرية، لجهة رفع الأجور والضرائب على الأثرياء، في مقابل استمرار سياسة التقشف. وكانت اجتماعات اللجان المرتبطة ببحث الموازنة شهدت سجالاً حاداً بين ممثلي المعارضة والغالبية الحكومية. وقالت مصادر نيابية إن تصويت المعارضة ضد الموازنة «صدم» وزراء الغالبية، ودفع وزير المال والاقتصاد محمد بوسعيد المنتمي الى «تجمع الأحرار» إلى الانسحاب بمعية الوزير المنتدب في الموازنة المحسوب على حزب «العدالة والتنمية» إدريس الأزمي من اجتماع لجنة المال في البرلمان. واحتج وزير المال والاقتصاد بعد تصويت المعارضة لمصلحة الإنفاق على موظفي القطاع العام، قائلاً: «صوتّم ضد المداخيل، فمن أين لنا بالأموال لتأمين الإنفاق وصرف رواتب الموظفين»، ليرد عليه محمد دعيدعة منسق المعارضة في الغرفة الثانية للبرلمان: «قدم استقالتك من الحكومة وسنتكفل بالبحث عن الأموال».