عند قيام الثورات العربية قبل أربع سنوات تقريباً، وضعت الشعوب العربية جملة من المطالب، وخرجت الأصوات الحانقة لكي تطرح أسئلتها العالقة حول قضايا اجتماعية أو الأصح إنسانية، كانت الأنظمة الديكتاتورية قد أغفلتها طوال عقود، ومنها قضية المرأة ودورها وحقوقها في مجتمعها. ولكن بدلاً من حدوث تغيّر أو تطور ما في وضع المرأة، ضمن سلسلة التغيرات السياسية والاجتماعية في مجتمعنا، استمرّت الانتهاكات الموجهة ضدّ المرأة، بل إنّ لبنان في شكل خاص شهد الكثير من الأحداث الصادمة التي تُبيّن حجم العنف الجسدي والنفسي الذي تتعرّض إليه المرأة في محيطها أو داخل بيتها الزوجي. من هنا، اختارت الكاتبة والباحثة عزّة شرارة بيضون في كتابها «مواطنة لا أنثى» (دار الساقي) مواكبة الحراك «النسوي» خلال السنوات الثلاث الأخيرة معتمدةً على توثيق أهم القضايا التي طرحتها المنظمات النسائية اللبنانية. فالكاتبة تعتبر أن مناهضة العنف ضدّ النساء اتخذت في السنوات الأخيرة الموقع الأثير في النضال النسوي. وإذ تعدّدت نقاط المقاربة التي اعتمدتها الناشطات في تلك المناهضة، فإن المقاربة الحقوقية طغَتْ على ما عداها بسبب التقدّم الذي أحرزه نضال «التحالف الوطني لتشريع حماية المرأة من العنف الأسري» بقيادة منظمة «كفى... عنف واستغلال» غير الحكومية في هذا المجال. وقد استثار هذا التقدّم بعض الجهات الدينية التي ترى في القانون تعدّياً على حقوق الطوائف المخوّلة أحوال العباد الشخصية». وهي عملت على دراسة هذه القضية السجالية بجرأة من خلال وثائق وأدلّة من الواقع قد تكون بمثابة شواهد على تحديات المرأة اليومية داخل هذا المجتمع.