سارع أهالي ناحية بهرز (جنوب بعقوبة) الى تعليق لوحة تؤكد تغيير اسم حيهم الى حي «الشهيد عمار»، تخليداً لاسم شرطي قُتل خلال تصديه لانتحاري قبل تفجيره مسجداً شيعياً الاسبوع الماضي ليتحول الى رمز للوحدة الوطنية في بعقوبة.وعمار المجمعي من عائلة تقلد خمسة من ابنائها مناصب قيادية في تنظيم «القاعدة» و «دولة العراق الاسلامية» غيّر بمقتله انطباعات سابقة عن ولاء عشيرة المجمعي. وقال خال عمار عبد المجيد المجمعي ل «الحياة» في مجلس العزاء: «لم يعد للقاعدة مكان بيننا. ولن نسمح لها باقتراف مزيد من الجرائم والقتل (...) سنثأر لعمار ولكل يتيم كان ضحية للتنظيم». زملاء عمار لم يفارقوا منزل أسرته الذي اكتظ بالمعزين. كانوا يسردون حكايات مختلفة عن الرجل الذي ظل يمني نفسه باعتقال انتحاري أو انتحارية في يوم من الايام. وقال زميله الذي كان يبتعد عن مكان الحادث مسافة مكنته من النجاة ويدعى مهند فلاح ل «الحياة»: «لم يتردد عمار في مهاجمة الانتحاري الذي ترجل بزي شرطة من سيارة قرب حسينية المدني وهو يكّبر ايذاناً بالتفجير (...) لم يمهله لحظة واحدة لاستخدام سلاح الكلاشنيكوف الذي حمله لمهاجمتنا قبل اقترابه من المسجد (...) انطلق باتجاهه بكل حماسة، وفوجئنا بالانفجار الذي حول المكان الى دخان وأشلاء ودماء». اما الناطق باسم قيادة الشرطة في ديالى الرائد غالب الكرخي الذي حضر لمواساة اقارب المجمعي وتكريم أسرته، فأكد أن «ما حصل تعبير شفاف عن انتماء عناصر القوات الامنية الى مدينتهم وبلدهم. إن تضحيات الشهداء ستمنع الارهابيين من زرع الفتنة الطائفية بين الاهالي». وكان احد افراد الشرطة احتضن انتحارياً أيضاً ومنعه من دخول حسينية صادق وسط بعقوبة قبل عام ونصف العام، ما أدى الى مقتله بعد تفجير الانتحاري حزاماً ناسفاً يرتديه. ومنذ اندلاع الفتنة الطائفية العام 2006، شهدت بعقوبة والأقضية التابعة لمحافظة ديالى نزاعات كانت سبباً في انقطاع التواصل بين عشائر سنية وشيعية في المدينة. إلا أن رجال دين وشيوخ عشائر شيعية حضروا مجلس العزاء واعتبروا «استشهاد عمار مناسبة لانهاء كل الخلافات التي تسببت بها النزاعات الطائفية بعدما تسببت بقتل المئات وتهجير آلاف الاسر». موكب تشييع عمار كان مناسبة لعودة وحدة العشائر التي مزقتها التنظيمات المتشددة، كما لم تكن الأحزاب أقل منها تأثيراً في العلاقات، بحسب الشيخ محمد الهذال، أبرز شيوخ عشيرة عنزة. مصدر أمني أكد ل «الحياة» تشكيل فرق أمنية من السنة والشيعة لحماية دور العبادة والحسينيات، وأوضح أن «القيادات الأمنية أوكلت حماية المساجد السنية لعناصر أمنية من الشيعة، وكذلك بالنسبة الى الحسينيات والمساجد الشيعية حيث انتشرت مفارز امنية تضم غالبية من السنة، بعد الحصول على معلومات تؤكد نية الجماعات المسلحة تنفيذ عدد من الهجمات الانتحارية». وكان الهجوم الذي تعرضت له حسينية المدني وسط بعقوبة الأسبوع الماضي أسفر عن مقتل ستة من عناصر الشرطة واصابة 23 مدنياً، وكان يمكن لأعداد الضحايا أن تتضاعف لولا تدخل الشرطي عمار المجمعي لمنع الانتحاري من الوصول الى تجمع المصلين. وتعتبر حسينية آية الله عبد الكريم المدني أكبر دور العبادة الشيعية في المحافظة، وجرى ترميمها أكثر من مرة بسبب تعرضها إلى هجمات التنظيمات المسلحة المرتبطة بتنظيم «القاعدة» خلال السنتين الماضيتين.