اعتبر اقتصاديان أن التوجه إلى إنشاء كيان عالمي جديد للطاقة خطوة ناتجة من فشل منظمة التجارة العالمية في حسم المواقف التفاوضية بين الدول حول خدمات الطاقة، واتفاق التجارة والبيئة، إلى جانب إخفاقها في الحد من الأزمات المالية التي عصفت بالاقتصادات العالمية أخيراً. وأوضحا في حديثهما ل«الحياة» أن إنشاء كيان عالمي جديد للطاقة، الهدف منه قيامه باتخاذ قرارات أكثر مرونة وأماناً للتعامل مع الأزمات المستقبلية، والتي منها صدمات تذبذب أسعار الطاقة، ومن المهم أن يعمل هذا الكيان الجديد على تعزيز الثقة بأسواق الطاقة العالمية من خلال تكريس مبادئ الكفاءة والشفافية، والتعامل مع الأزمات وحماية اقتصادات الدول. وكانت صحيفة «أستراليان» ذكرت في تقرير نشرته قبل انعقاد قمة ال20 في أستراليا الأسبوع الماضي، أن الزعماء في قمة مجموعة ال20 يسعون إلى وضع أسس نظام عالمي جديد لتجارة الطاقة للمساعدة في ضمان فتح الأسواق ومنع استخدام إمدادات النفط والغاز كأدوات للسياسة الخارجية، مشيرة إلى أن هذا التوجه يحظى بدعم السعودية وروسيا. وقال الخبير السعودي في التجارة العالمية الدكتور فواز العلمي: «منذ منتصف السبعينات والدول المنتجة والمصدرة للنفط تسعى إلى وضع أسس نظام عالمي لتجارة الطاقة لضمان فتح الأسواق ومنع استخدام إمداداتها كأدوات للسياسة الخارجية». وأضاف: «نظراً لأن الدول المستوردة للطاقة تعتزم رفع وتيرة الجدل بشأن التغير المناخي لفرض المزيد من الضرائب على الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز، وجدت السعودية وروسيا اللتان تعتبران اليوم من أكبر الدول المنتجة للنفط والغاز في العالم، أن هذا الجدل سيؤثر حتماً في اقتصاد السوق وحرية التجارة، ما سيكون له أبلغ الأثر في إمدادات الطاقة والشفافية بشأن تسعير منتجاتها، ووضع الضوابط على دعم الطاقة، وتفعيل برامج والتزامات كفاءة استخدام الطاقة». وأشار إلى أن التوجه إلى إنشاء كيان عالمي جديد للطاقة يعد خطوة ناتجة من فشل منظمة التجارة العالمية في حسم المواقف التفاوضية بين الدول حول خدمات الطاقة، واتفاق التجارة والبيئة، إلى جانب إخفاقها في الحد من الأزمات المالية، التي عصفت بالاقتصادات العالمية أخيراً.وتابع: «لا بد هنا من التأكيد على ما أعلنه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز بأنَّ المملكة كانت وما زالت وستواصل انتهاج سياسة متوازنة لتعزيز استقرار أسواق النفط العالمية، وأن دورها الإيجابي والمؤثر لتعزيز الاستقرار في هذه الأسواق يعتمد أولاً وأخيراً على مصالح الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة معاً». ولفت إلى أن دول مجموعة ال20 تشكل 85 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75 في المئة من التجارة العالمية، و66 في المئة من سكان العالم، ولذلك «لا بد من تنسيق المواقف بين الدول المنتجة للطاقة، مثل إنشاء كيان عالمي جديد للطاقة، ليتم من خلاله اتخاذ قرارات أكثر مرونة وأماناً للتعامل مع الأزمات المستقبلية، والتي منها صدمات تذبذب أسعار الطاقة». وزاد العلمي: «لا بد لهذا الكيان الجديد أن يعزز الثقة بأسواق الطاقة العالمية من خلال تكريس مبادئ الكفاءة والشفافية». واتفق معه أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور أسامة فيلالي بقوله: «إن السعودية ورسيا من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للنفط في العالم، وهذا الاتفاق بينهما على إنشاء كيان عالمي للطاقة سينتج عنه استقرار للأسواق العالمية». وذكر أن وجود كيان عالمي للطاقة أعلى من منظمتي «أوبك» ووكالة الطاقة الدولية مهم في الوقت الراهن، وله انعكاسات إيجابية على الدول المصدرة والمستوردة للنفط، لاسيما أنه سيعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي الدولي». ولفت إلى أن سياسة السعودية تعتمد على خلق التوازن في ما يخص النفط، إذ إنها لا ترغب في زيادة أسعار النفط، بحيث ينعكس ذلك سلباً على الدول المستوردة للنفط، لذا ففي حال ارتفاع الأسعار فإن السعودية تزيد من إنتاجها النفطي لاستقرار السوق العالمية، كما أنها لا ترغب في نزول أسعار النفط، بما يؤثر فيها وفي الدول المصدرة للنفط سلباً، إذ تعمل على خفض إنتاجها من النفط بما يحقق التوازن داخل السوق، ويحد من هبوط الأسعار». وشدد على أن الكيان العالمي الجديد للطاقة يأتي متفقاً مع سياسة السعودية، وهذا سيحقق مبدأ توازن الأسواق العالمية للطاقة، سواء النفط أم الغاز.