اعتبرت وكالات دولية للتصنيف المالي الاقتصاد المغربي من بين الاقتصادات الأقل تأثراً بتداعيات الأزمة المالية العالمية في المنطقة العربية، على رغم انخفاض إيراداته بالعملات الأجنبية. وجاءت تصنيفاتها فيما باشر المغرب إعداد موازنة عام 2010 المقرر عرضها على البرلمان الشهر المقبل. وأفاد تقرير ل «المعهد الدولي المالي» في واشنطن بأن الإجراءات التي باشرتها الرباط في عدد من القطاعات، مثل إصلاح الحسابات الماكرو اقتصادية والأنظمة المصرفية والقطاع الزراعي، مكنت من تحقيق نتائج «جيدة» جنبت البلاد اضطرابات الأسواق «عبر دعم الاقتصاد خلال الفترة العصيبة». وحقق المغرب نمواً اقتصادياً تجاوز خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة الثانية على التوالي. وحضّ المعهد الأميركي الحكومة المغربية على مواصلة الإصلاحات المتخذة، وصولاً إلى اعتماد اقتصاد عصري أكثر تنوعاً وانفتاحاً وتنافسية، تضمنه بيئة مساعدة على التدفقات المالية وحاجة السوق الدولية. وجدّدت «فيتش» تصنيفها الاستثماري لحجم الأخطار للمغرب عند «بي بي بي +» ما يعكس قدرة عالية على الوفاء بالالتزامات المالية المحلية والدولية. وجاء في تقريرها الفصلي «ان النظرة المستقبلية في ما يخص التصنيف الائتماني مستقرة». وأكد التقرير ان الاقتصاد المغربي صمد في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية، كما واصل تحقيق التحسن في المؤشرات المالية العامة، إضافة إلى استقرار النظام السياسي. واستندت الوكالة في تصنيفها على حجم الاحتياط النقدي الذي يغطي ستة أشهر من واردات السلع والخدمات، وانخفاض الدين العام إلى ما دون 47 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من مئة في المئة قبل 20 سنة، وتزايد الاستثمار الأجنبي في السنوات الماضية (4.5 بليون دولار سنوياً)، وإطلاق برامج تنموية طموحة في البنى التحتية مثل الطرق والموانئ والسدود والمطارات (135 بليون درهم/17 بليون دولار عام 2009). واعتبرت «فيتش» ان الرباط واجهت ارتفاع الأسعار عام 2008 بدعم السلع الأساسية، وسجلت تحسناً ملحوظاً في الإيرادات الضريبية بفعل توسع نشاط القطاع الخاص، ما خفض عجز الموازنة إلى ما دون ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، على رغم زيادة النفقات العمومية. واستفاد المغرب من تنوع مصادر الدخل بالعملات الأجنبية، كما راهن على الأشغال الكبرى والعقارات والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية لتحريك الاقتصاد، وتأمين فرص عمل جديدة للشباب، ما ساعد على تراجع البطالة إلى ما دون 10 في المئة. ولاحظت الوكالة الدولية ان ارتباط الاقتصاد المغربي بالاقتصادات الأوروبية قد يؤدي إلى انخفاض الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية خلال عامي 2009 و2010 بسبب الأزمة العالمية. وكانت عائدات السياحة وتحويلات المغتربين والصادرات الصناعية تضررت من بطء الطلب الاوروبي، وخسرت نحو بليوني دولار في النصف الاول من السنة. لكن الوكالة توقعت ان يُعتمد على التمويل الأجنبي والديون الجديدة لمواصلة برامج مشاريع البنى التحتية، وذلك من خلال اتفاقات ثنائية ومتعددة الأطراف. ووعد الاتحاد الاوروبي، الذي منح المغرب وضع الشريك المميز العام الماضي، بزيادة الدعم الأجنبي للتنمية الذي بلغ 653 مليون يورو بين عامي 2007 و2009. وبمقدار ما عززت التصنيفات الدولية صورة الاقتصاد المغربي لدى المستثمرين الأجانب، فإنها في المقابل نبهت إلى استمرار الصعوبات الاجتماعية لدى فئات واسعة من السكان، خصوصاً في الأرياف وأحزمة البؤس حول المدن، التي تعيش على مداخيل غير مستقرة، ولم تستفد من نتائج النمو الذي حققه المغرب في السنوات الأخيرة.