أكدت الأممالمتحدة في تقرير رسمي أن أسلحة كيماوية استخدمت مراراً في سورية خلال العام الحالي، فيما أسقط الأمين العام بان كي مون عند إعلانه تسلّمه التقرير الدعوة إلى محاسبة المسؤولين عن استخدام هذه الأسلحة، خلافاً لما دأب على فعله كلّما تطرق إلى السلاح الكيماوي. واستبعد ديبلوماسي غربي رفيع في مجلس الأمن «أي تحرك في المجلس في شأن الانتهاكات التي أثبتها التقرير لأن الموقف الروسي لا يزال ثابتاً وتجنباً لأي مواجهة ديبلوماسية تسبق مؤتمر جنيف- 2». وجاء التقرير خلاصة تحقيقات استغرقت خمسة أشهر أجرتها لجنة التحقيق الدولية برئاسة أيكي سلستروم في 7 ادعاءات بهجمات كيماوية تلقت إخطارات بها من الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا وروسيا والحكومة السورية. وأكد التقرير (82 صفحة) أن الهجمات بالأسلحة الكيماوية أوقعت ضحايا مدنيين وجنوداً في الجيش السوري وأن غاز السارين استخدم يقيناً في 5 هجمات في خان العسل وسراقب وأشرفية صحنايا وجوبر، إضافة الى الهجوم الأكبر في الغوطة الشرقية. وأوضحت اللجنة أن أقوى أدلتها كانت في الغوطة الشرقية، مجددة التأكيد أن حادثة 21 آب (أغسطس) كانت اعتداء كيماوياً «بغاز السارين بشكل واضح ومقنع» استهدف «مدنيين بينهم أطفال على نطاق واسع نسبياً» في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة السورية. وقالت إن الاعتداء تم بصواريخ أرض - أرض وأكد تحليل عيّنات الدم والبول والعيّنات البيئية من المنطقة المستهدفة وشهادات الناجين والطواقم الطبية أن المادة السامة كانت السارين. وفي شأن اعتداء خان العسل في 10 آذار (مارس)، أكد التقرير «التوصل إلى معلومات ذات صدقية أثبتت أن أسلحة كيماوية استخدمت ضد جنود (في الجيش السوري) ومدنيين»، على رغم أن اللجنة «لم تتمكن من التحقق ميدانياً من الموقع في شكل مستقل ولم تحصل على معلومات عن وسائل إطلاق الأسلحة الكيماوية». واستندت اللجنة في استنتاجها في هذا الاعتداء على «شهادات طواقم طبية وشهود وجنود شاركوا في إجلاء المصابين، ووثائق من القطاع الصحي المحلي التابع للحكومة السورية». وأضافت أن «الأدلة المقدمة من كل من الحكومة السورية وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولاياتالمتحدة أكدت كلها أن أسلحة كيماوية استخدمت في خان العسل». وحققت اللجنة في 3 اعتداءات أخرى ادعت الحكومة السورية تعرّضها لهجمات كيماوية فيها في جوبر وأشرفية صحنايا وبهارية. وقالت إن أسلحة كيماوية استخدمت في جوبر في 24 آب (أغسطس) وفي اليوم التالي (25) في أشرفية صحنايا حيث «تشير الأدلة إلى استخدام محتمل لأسلحة كيماوية على نطاق ضيّق ضد جنود» (في الجيش السوري). لكن التحقيق «لم يتمكن من جمع معلومات أولية عن وسائل الإطلاق والعيّنات البيئية»، كما «لم تتمكن اللجنة من إجلاء الصلة بين المصابين وادعاء استخدام أسلحة كيماوية في ذلك الموقع». وفي المقابل أثبتت اللجنة عدم صحة ما ادعته الحكومة السورية في شأن اعتداء بهارية في 22 آب (أغسطس)، وقالت إن «فحوصاتها المخبرية أثبتت عدم تعرض الجنود المصابين هناك لمواد كيماوية». وحققت اللجنة في ادعاء تلقته من فرنسا وبريطانيا عن استخدام الحكومة السورية أسلحة كيماوية في سراقب في 29 نيسان (أبريل) 2013 وأثبتت «أدلة على استخدام أسلحة كيماوية فيه على نطاق ضيّق أيضاً ضد مدنيين». لكنها «لم تتمكن من التوصل إلى معلومات أولية عن أجهزة الإطلاق والعينات البيئية المجمعة وتحليلها، ولا من إيجاد صلة بين الحادثة المدعاة والموقع والمصابة (إمرأة) التي بيّنت عيّنات دمها تنشقها السارين». وأثبتت اللجنة عدم صحة بلاغ من الولاياتالمتحدة عن شن الحكومة السورية اعتداء كيماوياً في الشيخ مقصود في 13 نيسان (أبريل) «لعدم توافر الأدلة». وخلص التقرير إلى أن «الأممالمتحدة لا تزال قلقة للغاية بأن أسلحة كيماوية استخدمت في النزاع بين الأطراف في سورية مما أضاف بعداً على المعاناة المستمرة فيها». ومن المقرر أن يكون الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد قدّم إحاطة عن التقرير الى الجمعية العامة للأمم المتحدة (أمس) الجمعة والى مجلس الأمن الإثنين بعدما كان تسلّمه مساء الخميس من سلستروم في نيويورك. وقال ديبلوماسي غربي رفيع في مجلس الأمن إن «التقرير لن تكون له أهمية سياسية ومجلس الأمن لن يتحرك لاتخاذ إجراءات في شأنه لأن الموقف الروسي لا يزال ثابتاً على الرفض». واعتبر بان كي مون أن «الكثير قد حصل منذ أول ادعاء باستخدام أسلحة كيماوية في سورية في آذار (مارس) الماضي»، إذ «اعترفت الحكومة السورية بامتلاكها أسلحة كيماوية وانضمت إلى معاهدة الأسلحة الكيماوية». وأضاف أن «استخدام الأسلحة الكيماوية انتهاك جسيم للقانون الدولي وإهانة لإنسانيتنا المشتركة»، مشدداً على الحاجة إلى «إزالة هذه الأسلحة ليس فقط في سورية بل في أي مكان».