على أنغام الأغنية الفيروزية «ثلج ثلج»، يحتفي التلفزيون السوري بالعاصفة الثلجية «أليكسا»، حيث مع مشاهد الثلوج التي تتساقط في أنحاء البلاد ولقطات لأطفال يتقاذفون الثلج ويلهون في ما بينهم، يأتي صوت المذيعة لتتحدث عن «ثلوج الخير والبركة» وعن «الأفراح التي تعم البلاد» و «البهجة التي يعيشها السوريون جراء سقوط الثلوج»، فيما على الطرف المقابل وعلى أرض الواقع يرزح السوريون في الداخل والخارج تحت وقع البرد والصقيع وفي غياب وسائل التدفئة وانقطاع التيار الكهربائي المتواصل، فيموت السوريون برداً في محافظات سورية عدة وفي مخيمات اللجوء في لبنان وتركيا والأردن ومعظمهم من الأطفال. حدث «أليكسا» لم يغير شيئاً من طريقة تعاطي التلفزيون الرسمي السوري مع المواطن المحلي «في الداخل والخارج». وحول هذا يعلّق مراقبون: «إذا كانت أنغام القذائف والصواريخ والكيماوي والقتلى الذين خلفتهم الحرب لم تلقى متابعة، فكيف بهذه المؤسسة أن تغير سياستها تجاه حادث عرضي يتمثل في مقتل عشرات السوريين نتيجة منخفض جوي سيمر بعد أيام؟!». وفي حين يستمر التلفزيون السوري محتفلاً بالثلوج وبالمنخفض «أليكسا»، نجد التلفزيونات العربية والغربية الإخبارية منها والمنوعة، إضافة إلى تلفزيونات المعارضة السورية، تبث أخبار اللاجئين السوريين في مخيمات الجوار، وتترصد حالات الموت المتتالية للأطفال والنساء السوريين بشكل متواصل ولحظي، والمعاناة الإنسانية التي يواجهها هؤلاء في خيام النزوح. وكالعادة في استمرار التلفزيون السوري متجاهلاً الأحداث الداخلية في البلاد، وهذه المرة يتجاهل عواقب العاصفة الثلجية، يعرض تصريحات لوزراء في حكومة دمشق يتحدثون عن الاستعداد التام للعاصفة، متفاخرين بتوفير كل السبل لخدمة المواطن، في حين يهمل انقطاع التيار الكهربائي المتواصل، والأعطال الضخمة التي طاولت الشبكة، وأدت إلى غياب الكهرباء عن مناطق سورية عدة، بما فيها مناطق في العاصمة السورية دمشق وريفها، كما لا يتحدث عن غياب وقود التدفئة وأسعاره في السوق السوداء حيث يصل سعر الليتر إلى خمسة أضعاف سعره الحكومي. ومع الأخبار التي تتحدث عن مقتل 3 سجناء في سجن حلب المركزي جراء البرد، وعن تجمد طفل في إدلب نتيجة الصقيع، وأخبار أخرى تتحدث عن مقتل سوريين نتيجة «أليكسا» في الداخل والخارج، يتحول التلفزيون السوري إلى برامجه المعتادة «في الآونة الأخيرة»، فيتحدث عن «المؤامرة الكونية» التي تحاك ضد «محور الممانعة»، ويشتم الأطراف العربية والغربية التي تستمر في دعمها للإرهابيين والتكفيريين «وفق تعبيره»، ومن ثم ينتقل إلى مسلسل السهرة، ويواصل مناقشة مشاكل العنوسة وتبعات العولمة والاحتباس الحراري، ويختتم ببرنامج «سواعد السنديان» المختص بالزراعة!