أكد وزير الشؤون البلدية والقروية الأمير منصور بن متعب تنفيذ غالبية المشاريع من دون تعثر، غير أنه أقر بوجود «تأخير في بعض المشاريع»، وقال إن التأخير «لم يصل إلى مرحلة التعثر». فيما كشفت دراسة ناقشها منتدى الرياض الاقتصادي حول قطاع البناء والتشييد في المملكة أمس، عن استحواذ خمس شركات على نصيب الأسد من المشاريع الكبرى ومن الإنفاق الحكومي، وأوصت بتشكيل مجلس أعلى للبناء والتشييد والتشغيل يتولى صياغة الرؤية المستقبلية للقطاع. وقال الأمير منصور بن متعب في تصريح صحافي بعد رئاسته الجلسة الثانية في منتدى الرياض الاقتصادي في دورته السادسة بالرياض أمس، والتي كانت بعنوان: «مشكلات البناء والتشييد وسبل علاجها في المملكة العربية السعودية»: «هناك فرق بين تأخير المشاريع وتعثرها. فالتعثر يعني أن المشروع لم يتم، ومعظم المشاريع تمت ويوجد تأخير في بعض المشاريع، ويتم درس أسباب تأخير المشاريع وتتم معالجتها وتلافيها في المستقبل»، مؤكداً أن «الجهات المعنية تقوم بمتابعة المشاريع في جميع الأوقات، وأن المتابعة ليست مرتبطة بوقت محدد». إلى ذلك، كشفت دراسة «مشكلات قطاع البناء والتشييد وسبل علاجها في المملكة العربية السعودية»، عن استحواذ عدد قليل جداً من الشركات «خمس شركات» على نصيب الأسد من المشاريع الكبرى ومن حجم الإنفاق الحكومي، وهي شركات يتم تعميدها أحياناً في صورة مباشرة من الدولة، أو من شركة أرامكو السعودية ووزارة المالية، معتبرة أن هذا النوع من الاحتكار يضر بالقطاع، ويؤثر سلبياً في نمو الشركات المتوسطة والصغيرة والتي تعاني من عدم الاهتمام بها. وأظهرت الدارسة التي ناقشها ممثل الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين في المملكة والخليج الدكتور نبيل عباس وقدمها الدكتور عادل الدوسري، أن قطاع البناء والتشييد يفتقد إلى التقنيات المهنية الحديثة التي ترك تأخر تطبيقها آثاره السلبية على القطاع، إذ أصبحت معظم مشاريعه وأنشطته إضافة إلى قطاع المقاولات وصناعة مواد البناء، لا تدار وفق منهجية تقنية علمية ومهنية. ورصدت وجود هوة كبيرة بين حجم المشاريع التي ضختها الدولة أخيراً، وبين حجم وقدرة قطاع المقاولات ككل، وعدد العاملين فيه، وحجم السعودة داخله، وحجم وعدد الرخص الصادرة مقارنة بعدد المشاريع المطروحة، مشيرة إلى أن «عدد المقاولين المرخصين البالغ نحو 2326 مقاولاً فقط والقليل من الشركات الأجنبية المرخصة من الهيئة العامة للاستثمار لا يكفي لتنفيذ حجم المشاريع الحالية، والتي تزيد كلفتها على تريليون ريال». وبيّنت أن تلك المشاريع لا تشمل مشاريع لم تعلن في الموازنة، لأنها تعود إلى القطاع الخاص مثل مشاريع الشركة السعودية التي تعتزم تنفيذ 174 مشروعاً لتوليد الطاقة بقيمة 67 بليون ريال، و290 مشروعاً في قطاع نقل الطاقة بقيمة 24 بليوناً، و170 مشروعاً في قطاع توزيع الطاقة بقيمة 10 بلايين ريال، كما تقوم الشركة حالياً بتنفيذ 634 مشروعاً بتكاليف تجاوزت 100 بليون ريال. وأوصت الدراسة بتشكيل مجلس أعلى للبناء والتشييد والتشغيل يتولى صياغة الرؤية المستقبلية لقطاع البناء والتشييد في المملكة، ويقضي على تعدد الجهات المسؤولة عن القطاع، على أن يتولى المجلس المقترح تشكيلة وضع السياسات والاستراتيجيات المتكاملة لجميع أنشطة القطاع، ومتابعة تنفيذ تلك السياسات والاستراتيجيات بما يضمن تطوير وتحسين القطاع، ووضع خطة ذات ملامح تنفيذية واضحة لتطوير القطاع وفق حاجات خطط التنمية الوطنية للقطاع العام والخاص والأفراد، ووضع سياسات التوطين للقطاع بالتنسيق مع المجلس الاقتصادي ووزارة العمل وبحسب نظرة الدولة للتوطين، والتحفيز على تطبيق التقنيات الفنية والمهنية ووضع الكوادر الملائمة. ودعت إلى إيجاد آلية لتكامل الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تحكم القطاع، لاسيما مع وجود قصور في الأنظمة والقوانين وما تثيره من المشكلات القانونية والخلافات والمنازعات في العقود، وهي تشمل نظام المنافسات والمشتريات بالمملكة، ونظام تصنيف المقاولين والعقود بين أطراف القطاع العام والخاص والأفراد، وهي من أكثر مشكلات القطاع شيوعاً وأكثرها إعاقة لإنهاء المشاريع التنموية. وأوضحت أن أهمية هذه الدراسة تنبع من عدم وجود جهة متخصصة في حل المنازعات للقطاع العام والخاص والأفراد، وضعف الأنظمة والقوانين التي تحكم القطاع وعدم تكاملها، وقصور نظام المشتريات والتصنيف والعقود الموحدة ونظام العمل، وكثرة المنازعات والخلافات بين الأطراف الداخلة في أنشطة القطاع، علاوة على ضعف الإشراف على مشاريع وأنشطة القطاع، ووجود نوع من الفساد في القطاع. وفي شأن مشكلات قطاع البناء والتشييد التمويلية، إذ يعاني الممارسون في القطاع من صناعيين ومقاولين ومطورين من مشكلات تمويلية عدة، أوصت الدراسة بإنشاء مصرف أو صندوق للإنشاء والتعمير يسهم القطاع الخاص فيه بالنصيب الأعظم، شريطة أن يعمل المصرف ضمن الأطر المالية الإسلامية، ويقتصر دوره في تمويل تنفيذ المشاريع، ويحظر عليه بيع وشراء الأراضي أو المتاجرة بها، ودراسة تشجيع ظهور مصارف تجارية تضمنها مؤسسة النقد السعودي للإقراض الإسلامي قصير الأجل المخصص لتمويل المطورين، على أن تتحمل الدولة نصيباً أكبر في إنشاء هذه المصارف في جميع مناطق المملكة ثم تتحول ملكية تلك المصارف إلى ملكية عامة تدريجياً خلال مدة لا تزيد على 10 أعوام.