نجحت المجموعة العربية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية أخيراً، وبعد محاولات دامت أكثر من 15 عاماً، في دفع المؤتمر العام للوكالة في دورته الثالثة والخمسين التي اختتمت أعمالها مساء امس في فيينا، إلى تبني مشروعي قرارين في شأن إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. ففي سابقة من نوعها، اعتمد المؤتمر العام في جلسة أمس مشروع قرار المجموعة العربية المقدم بعنوان «القدرات النووية الاسرائيلية» ويطالب اسرائيل صراحة بالانضمام الى معاهدة حظر الانتشار النووي وفتح منشآتها النووية امام المفتشين الدوليين، وذلك على رغم ما واجه المشروع من محاولات لعرقلة التصويت عليه من الدول الغربية وإسرائيل. ونال مشروع القرار العربي في جلسة التصويت تأييد 49 دولة، فيما رفضته 45، وامتنعت 16 دولة عن التصويت. وجاء التصويت على مشروع القرار العربي عقب ساعات من تصويت مماثل أجري ليل الخميس - الجمعة على مشروع قرار قدمته مصر في شأن تطبيق نظام الضمانات في الشرق الأوسط، والذي حظي بدوره بغالبية ساحقة بلغت 103 دول، وامتناع 4 عن التصويت، من بينها الولاياتالمتحدة والهند. واعتبرت المجموعة العربية تمكنها من تمرير مشروعي القرارين إنجازاً تاريخياً، على رغم كونهما غير ملزمين، خصوصاً مشروع قرارها في شأن القدرات النووية الاسرائيلية، وأجمعت على أنه يحتسب لوحدة موقف الأعضاء العرب. من جهته، وصف سفير الجامعة العربية في فيينا ميخائيل وهبة تبني القرار باللحظة التاريخية، مؤكداً أن ذلك ثمرة التحركات العربية داخل المؤتمر. وفسر عضو الوفد السوري إلى المؤتمر بشار صافية تغير مواقف بعض الدول كروسيا والصين وباكستان باتجاه تأييد مشروع القرار العربي، بأنه يعكس إدراك المجتمع الدولي لمخاطر امتلاك اسرائيل للسلاح النووي. كما اعتبر المندوب الإيراني إلى الوكالة علي أصغر سلطانية تبني القرار رسالة سياسية موجهة الى اسرائيل لتسارع بالتزام قرارات الشرعية الدولية. ورداً على سؤال عن الخطوة التالية وما إذا كانت المجموعة تتوقع أن يصبح بند القدرات النووية الاسرائيلية جزءاً من أجندة أعمال مجلس محافظي الوكالة المقبل، قالت سفيرة الجزائر لدى الوكالة، رئيس مجلس محافظيه طاووس فروخي ان الكرة الآن في يد الوكالة لتباشر مهماتها على هذا الصعيد، مؤكدة أن المجموعة العربية ستسعى دوماً الى إثارة هذا الموضوع، وطالبت المدير العام محمد البرادعي باتخاذ إجراءات على هذا الصعيد. في المقابل، أعرب السفير الاسرائيلي لدى الوكالة إسرائيل ميخائيل عن استيائه من تبني القرار، وقال في جلسة التصويت أن الدول المؤيدة له لن تستفيد شيئاً، وان بلاده غير ملزمة تنفيذه، ملمحاً إلى وجود دول في منطقة الشرق الأوسط ما زالت قيد التحقيق والتحري في شأن امتلاكها للسلاح الذري. ورهن امتثال بلاده لمطلب المجموعة العربية بتغيير سياستها تجاه إسرائيل والاعتراف بها والحوار معها قبل الخوض في مسائل من هذا النوع. وقلل ديبلوماسيون متابعون من أهمية تمرير مشروعي القرارين، مؤكدين أنهما غير ملزمين، وأن الوكالة لا يمكنها إجبار إسرائيل على الانضواء تحت معاهدة حظر الانتشار. وعلى هذا الصعيد، أشار ديبلوماسي عربي الى أن نص مشروع القرار واجه خلال الأعوام الماضية اعتراضات كثيرة اضطرت المجموعة العربية الى تعديل نصه وتخفيف لهجته وعنوانه. يذكر أن مشروع القرار يتضمن 6 نقاط «تذّكر في مجملها إسرائيل بقرارات مجلس الأمن والمعاهدات الدولية التي لم تلتزمها تل أبيب على نطاق حظر الانتشار النووي». ويعرب مشروع القرار في نهايته في 4 بنود عن قلقه إزاء التهديد الذي يشكله انتشار السلاح النووي، خصوصًا القدرات النووية الاسرائيلية، ويطالب الأخيرة بالانضمام الى معاهدة عدم الانتشار. كما يحض البرادعي على العمل مع الدول المعنية من أجل بلوغ تلك الغاية، ويدعوه الى أن يقدم إلى مجلس المحافظين وإلى المؤتمر العام في دورته المقبلة تقريراً عن تنفيذ هذا القرار في إطار بند جدول الأعمال بعنوان «القدرات النووية الاسرائيلية».