حذّرت الحكومة الصومالية الانتقالية من أن المتمردين الإسلاميين الذين شنّوا أول من أمس هجوماً انتحارياً مزدوجاً ضد مقر قيادة قوات السلام الافريقية (أميسوم) في مقديشو، يملكون مزيداً من السيارات التي تحمل شعار الأممالمتحدة والتي استُخدمت اثنتان منها في الاعتداء الذي أوقع 21 قتيلاً وعشرات الجرحى.وفي وقت تمسكت الدول الافريقية بمهمة قوات السلام في مقديشو، أقر مسؤول صومالي كبير ل «الحياة» بأن حكومته الضعيفة لا يمكنها أن تقوم بالكثير «لمنع من يريد الموت من أن يفعل ذلك»، لكنه أكد أن قوات الأمن ستقوم بأقصى ما يمكنها ل «تصفيتهم» قبل تفجير أنفسهم. وأعلنت حكومة بوروندي التي قُتل 12 من جنودها في الهجوم الذي تبنته «حركة الشباب المجاهدين»، الحداد العام. وقُتل في الهجوم على مقر قيادة «أميسوم» 21 شخصاً هم خمسة أوغنديين و12 بوروندياً وأربعة صوماليين. وبين القتلى المسؤول الثاني في القوة الافريقية الجنرال البوروندي جوفينال نيونغوروزا، وبين المصابين القائد العام للقوة الافريقية الجنرال الاوغندي ناتان موغيشا الذي أصيب بجروح طفيفة. وتم اجلاء 29 من الجرحى للعلاج في نيروبي. وقال نيكولاس بواكيرا مبعوث الأممالمتحدة إلى الصومال في مؤتمر صحافي في نيروبي أمس: «نحن لسنا سعداء بما لدينا اليوم. نحتاج إلى مساعدة أكبر ... نحتاج من المجتمع الدولي أن يقدّم أكثر مما يقدم، لا نريد كلاماً (فقط)». أما وزير الأمن القومي الصومالي عبدالله محمد علي فقد أقر ل «الحياة» بأن حكومته التي تعوزها الإمكانات لا يمكنها القيام بالكثير ل «منع شخص مصرّ على الموت أو تفجير نفسه من القيام بذلك». وقال: «لكن علينا أن نقوم بمحاولات لتصفيتهم على المدى الطويل. هذا ليس سهلاً لكن علينا المحاولة». وقال إنه منذ الآن سيُسمح فقط للسيارات التي تحمل تراخيص بدخول قواعد «أميسوم» ومقرات الرئاسة، مشيراً إلى أن الحواجز الأمنية ستتولى تفتيش كافة السيارات التي تدخل المؤسسات الرئيسية في مقديشو. وحل عبدالله محمد علي في منصب وزير الأمن القومي محل عمر حاشي الذي قتلته «الشباب» في تفجير «انتحاري» في حزيران (يونيو) في بلدة بلدوين (وسط). وأوضح مصدر في الاتحاد الافريقي ل «الحياة» أن «أميسوم» ستسحب مسؤوليها المدنيين الكبار من مقديشو إلى نيروبي للتشارو. ومقر قيادة «أميسوم» موجود في العاصمة الكينية لأسباب أمنية. وعلمت «الحياة» أن هجوم «الشباب» على مقر قيادة «أميسوم» جاء من تقرير يُحذّر من «هجوم وشيك»، لكن الاتحاد الافريقي لم يتخذ على ما يبدو إجراءات كافية لمنعه. ومعلوم أن حركة «الشباب» كانت حذّرت قبل أيام من أنها ستثأر لمقتل أحد القادة المحليين المشتبه في ارتباطهم بتنظيم «القاعدة» صالح علي صالح النبهان في هجوم أميركي يوم الاثنين في جنوب الصومال. وتوقع التقرير الذي رُفع إلى الاتحاد الافريقي واطلعت «الحياة» عليه أن «يواصل المتمردون استخدام الهجمات الانتحارية سلاحاً لهزيمة الحكومة الصومالية واحباط معنويات أميسوم». وأوضح مسؤول في الاتحاد الافريقي ل «الحياة» شرط عدم كشف اسمه، أن الاتحاد يفتقد إلى ما وصفه ب «صندوق استخباراتي» يساعد في منع حصول الهجمات. وقال: «كنا نعلم أن هناك هجوماً سيحصل، لكن لم يمكننا أن نفعل شيئاً. فليست لدينا الإمكانات الكافية للقيام بالمهمة ومنع حصول كل الهجمات التي يمكن أن تستهدفنا». والظاهر أن التقرير الذي أعده ضباط استخبارات في الاتحاد الافريقي لم يؤخذ به من قبل خلية التحليل في بعثة الاتحاد الافريقي. ويخلص التقرير إلى أنه «حتى قبل بدء هجوم المتمردين في أيار (مايو)، لم يكن في قدرة الحكومة الصومالية التعامل مع التحديات الأمنية في مقديشو. لكن مع تداعيات هجوم المتمردين، شهدت الشهور الستة الماضية محاولات لبناء قوة أمن فعالة، لكنها (هذه المحاولات) كانت غير ناجعة وعديمة الجدوى مالياً وتطرح تساؤلات في شأن فعالية مسار جيبوتي (المصالحة) في مقابل الأمن». ويخشى التقرير من أن تسقط الحكومة الصومالية في مواجهة المتمردين إذا لم تحصل ضربة «مزلزلة» ضد هؤلاء تدفعهم، مثلاً، إلى وقف القتال. ويتوقع أن يحاول المتمردون استهداف شخصية بارزة في الصومال «خلال ثلاثة إلى ستة أسابيع». وفي مقديشو (رويترز)، قالت الحكومة الصومالية أمس إن متمردي حركة «الشباب» لديهم ست سيارات أخرى مسروقة من الأممالمتحدة ومعدة للاستخدام في عمليات انتحارية. وتقول إدارة الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد إنها لن ترضخ بعد التفجيرين اللذين استهدفا القاعدة الرئيسية للاتحاد الافريقي في مقديشو. لكن الهجوم الجريء الذي نفذ بسيارتين تحملان علامات الأممالمتحدة على مقر بعثة حفظ السلام يثير تساؤلات في شأن صدقية الحكومة التي تعاني من انقسامات عميقة ولا تسيطر على أكثر من بضع مناطق من العاصمة. وقال وزير الدولة للدفاع شيخ يوسف محمد سياد وهو قائد فصيل سابق إن المتمردين سرقوا مزيداً من عربات الأممالمتحدة في الأشهر الأخيرة. وأضاف: «كنا جميعاً على علم بتحضيراتهم الانتحارية، لكننا لم نتخيل قط أنهم سيخترقون مجمع قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي ... كنا نعلم أنهم يدبرون ثماني سيارات ... ما زالت لديهم ست سيارات أخرى. هذا جبن». وقال الوزير إن التفجيرات لن تمنع الحكومة من شن هجمات جديدة ضد حركة «الشباب» التي تقول واشنطن إنها تقاتل بالوكالة عن تنظيم «القاعدة». وأضاف: «الناس سيرون ما سنفعله بهم. ليسوا مسلمين ... نعرف بعضنا بعضاً. لننتظر ونرى ما سيحدث بعد ذلك». وكان مسلحو حركة «الشباب» ومن بينهم مقاتلون أجانب قد هاجموا مجمعات للأمم المتحدة ونهبوها في الصومال في الأشهر الأخيرة. وهجوم الخميس هو الاسوأ الذي تتعرض له منذ شهور قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي المكونة من 5000 فرد من بوروندي وأوغندا. وفي بوجومبورا (أ ف ب)، أعلنت حكومة بوروندي في بيان الجمعة الحداد الوطني لمدة خمسة أيام غداة مقتل 12 من جنودها في هجوم مقديشو. وقالت إنه سيتم خلال فترة الحداد تنكيس الأعلام في البلاد. وأضافت في بيان انها «تندد بهذا العمل الدنيء الذي نفذه متطرفون اسلاميون». وتابع البيان ان «هذا العمل الجبان مثل سابقيه يسعى الى عرقلة عملية عودة السلام الى الصومال وتثبيط همم القوات التي أرسلها المجتمع الدولي لدعم هذه العملية». وقالت بوروندي انها «تؤكد مجدداً التزامها بدعم (...) غير مشروط للسلام في الصومال وتدعو قواتها المنتشرة في اطار مهمة سلام إلى أن تُبقي معنوياتها عالية». ومن كمبالا، صرح اللفتنانت كولونيل فيليكس كولايجي المتحدث باسم الجيش البوروندي: «نحن مصممون على المساهمة في عملية السلام في الصومال وان مثل هذه الهجمات لن تجعلنا نتخلى عن جهودنا» من اجل فرض السلام في الصومال. وأضاف: «لا تزال عملية التحقيق التي نجريها مع زملائنا في بوروندي، جارية لتحديد الملابسات بدقة». واوضح كولايبي ان «المهاجمين استغلوا انعقاد اجتماع لقيادة الاركان بين الوحدتين البوروندية والاوغندية حيث تسلل انتحاري يقود سيارة تابعة للامم المتحدة الى القافلة البوروندية التي كانت في طريقها للقاء الجنرال (الاوغندي) موغيشا».