تجلى امس، مرة أخرى عمق الشرخ داخل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى للطائفة السنية في لبنان، من خلال إعلان الأمين العام للمجلس (الممدد له ويرأسه عمر مسقاوي) الشيخ خلدون عريمط عن «قرار المجلس باتخاذ مسجد محمد الأمين (قلب بيروت) مركزاً موقتاً للاجتماع بعد رفض مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني أن نجتمع في المكان الطبيعي في دار الفتوى». وأشار في تصريح تلفزيوني إلى أن «هناك شبه إجماع لدى القيادات الإسلامية ورؤساء الحكومات التي هي في مكان، ومفتي الجمهورية في مكان آخر، على هذا الأمر»، داعياً المفتي إلى «العودة إلى الساحة الإسلامية». وزار وفد من المجلس برئاسة مسقاوي كلاًّ من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام. وأوضح مسقاوي أن الزيارة «تتعلق بالاهتمامات التي نقوم بها كمجلس شرعي إسلامي أعلى، لأنه هو جزء من هذه الهيكلية ومن هذه الصورة التي نريد أن نعطيها للرأي العام وللمسار الذي رسمناه من أجل التوصل إلى نتيجة «سعيدة» بالنسبة إلى الجميع. من هذه الزاوية، فإن التشاور الدائم مع رئيس الحكومة أمر مطلوب»، ووصف الأجواء بأنها «جيدة جداً». في المقابل، عقد أئمة وخطباء المساجد مؤتمراً صحافياً في دار الفتوى رداً على ما اعتبروه «تداعيات انعقاد جلسة المجلس الشرعي المنتهية ولايته في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مسجد محمد الأمين، لاتخاذ الموقف الحاسم في هذا الموضوع». وأعلن المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة «رفضنا السماح بعقد اجتماع أعضاء المجلس الشرعي المنتهية ولايته داخل قاعة الشهيد رفيق الحريري التابعة للأوقاف الإسلامية»، محذراً من «تداعيات هذه الخطوة على عمل المسجد ورسالته والانحراف بها عن مسار الدعوة وتوحيد الصف والكلمة إلى مكان آخر لترسيخ الصراعات والتجاذبات السياسية».وناشد «السياسيين في طائفتنا، وخصوصاً رؤساء الوزراء، العمل على تجنيب المساجد عقد اللقاءات والاجتماعات خارج إطار موافقة الجهات الدينية المعنية والمولجة الحفاظ على حرمة المساجد ورسالتها الصافية. وألاّ يكونوا سبباً مباشراً في تعريضها لأطماع كل من يريد استغلالها ما سيساهم في تفلت الأمور كما حدث سابقاً». وكان مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ترأس الاجتماع الدوري للمجلس وهنأه «بانتخاب أعضاء لجانه ورؤسائها ومقرريها»، ودان المجلس في بيان تلاه الشيخ بلال الرفاعي «الاغتيالات والتفجيرات التي تطاول اللبنانيين بجميع فئاتهم وانتماءاتهم»، ورحّب ب «الخطة الأمنية في طرابلس». وتوقف عند «حرب الحكومة الأنغولية ضد المسلمين هناك»، ورأى فيها «جريمة كبرى بحق الإنسانية وحرية الاعتقاد الديني».