مئة وستون ألف وظيفة أميركية جديدة و150 بليون دولار من العائدات للشركات الأميركية سنوياً، هي غنائم زيارة الرئيس باراك أوباما الصين ومشاركته في قمة دول آسيا والمحيط الهادئ، وفق التقديرات الأولية في العاصمة الأميركية. وتنقسم الغنائم الأميركية إلى مئة ألف وظيفة يمكن أن تولدها 60 بليوناً إضافية من أموال الصينيين الوافدين إلى الولاياتالمتحدة سنوياً للسياحة أو الاستشفاء أو العلم، تُضاف إلى حوالى 20 بليوناً سنوياً تجنيها أميركا حالياً. أما القسم الثاني من الغنائم فهو 100 بليون دولار، يُتوقع أن تجنيها شركات المعلوماتية الأميركية من مبيعات تكنولوجية في الصين، بعد توصل الدولتين إلى اتفاق يقضي بإسقاط التعرفات الجمركية بينهما حول لائحة طويلة من هذه الصناعات. وتشير التقارير الحالية إلى أن الصين تعتمد في وارداتها الإلكترونية على اليابان وكوريا الجنوبية، وهي الواردات التي تنوي الشركات الأميركية المزاحمة داخل السوق الصينية على زبائن لها. وتتضمن هذه الصناعات أجهزة تحديد المواقع العالمية وأدوات طبية، وألعاباً إلكترونية. وكانت المحادثات للتخلص من هذه الرسوم الجمركية انهارت العام الماضي بين أكبر اقتصادين في العالم، ليعود الطرفان ويتوصلان إلى اختراق في المفاوضات بينهما في الأسابيع الماضية، أدى إلى ولادة الاتفاق الأخير. التجارة ولا يُستبعد أن يؤدي الاتفاق الأميركي - الصيني إلى تبني منظمة التجارة العالمية، خلال اجتماعاتها المقررة في جنيف الشهر المقبل، أكبر خفوضات للرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء للمرة الأولى منذ أكثر من 15 سنة، ما يفضي إلى رفع الرسوم عن تريليون دولار من التجارة العالمية في حقل المعلوماتية والصناعات الإلكترونية. ولكن، على رغم فتح جزء من أسواق الصين للمبيعات الإلكترونية الأميركية، إلا أنه ليس متوقعاً أن يحدث الاتفاق الجديد تعديلاً جذرياً في ميزان المدفوعات بين البلدين الذي يميل في شكل ملحوظ لمصلحة الصين التي تصدر إلى الولاياتالمتحدة ما قيمته أربعة أضعاف من واردات أميركا إليها. وبلغ حجم التجارة بين البلدين 425 بليون دولار الشهر الماضي، وسجل العجز الأميركي فيها 315 بليوناً. ويتوقع الخبراء أن تبلغ المبيعات الإلكترونية الأميركية الصافية إلى الصين، مع حسم كمية المبيعات الإلكترونية الصينية التي بات يُسمح بدخولها إلى أميركا، حوالى 20 بليون دولار سنوياً، أي أن تبيع أميركا الصين إلكترونيات بقيمة 60 بليون دولار، وأن تستورد منها ب40 بليوناً. وفي حال صحت هذه التوقعات، فهي تعني أنها ستساهم في تقليص العجز الأميركي مع الصين بأقل من بليوني دولار شهرياً، وهو رقم ضئيل نسبياً. وفي الصين أيضاً، توصل أوباما والوفد المرافق له إلى اتفاق مع نظرائهم الصينيين يقضي بخفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري مع حلول عام 2025. والصين هي أكبر منتج لهذه الغازات، تليها الولاياتالمتحدة. ويضخ البلدان حوالى 40 في المئة من الإنتاج الحراري العالمي. التلوث وأعلن أوباما أن بلاده ستخفض انبعاثاتها من الغازات بما يتراوح بين 26 و28 في المئة من إنتاجها الحالي، مقارنة بها عام 2005، مع حلول عام 2025. أما بكين، فتعهدت اقتطاع متقارب مع حلول عام 2030، ولكن من دون أية تفاصيل. ويأتي الاتفاق في وقت من المقرر أن يعقد ممثلو الدول على صعيد الخبراء، اجتماعات لمناقشة الأمور المناخية في باريس الشهر المقبل. على أن اتفاقات خفض الرسوم الجمركية واقتطاع كميات الغازات المنبعثة، لا تعني تآلفاً وتوافقاً بين الولاياتالمتحدةوالصين، إذ لم يتوانَ أوباما عن عقد اجتماعات، على هامش القمة التي تستضيفها بكين، مع زعماء الدول ال11 الأعضاء في معاهدة «شراكة عبر الهادئ»، التي تستثني الصين من عضويتها. وتسعى الولاياتالمتحدة إلى إقامة منطقة حرة مع دول من القارات الأميركية والأسترالية والآسيوية تمثل حوالى نصف إنتاج الاقتصاد العالمي. فيما تسعى الصين أيضاً إلى تأسيس مصرف آسيوي يلعب دور البديل من «البنك الدولي»، الذي تتزعمه أميركا، و «بنك التنمية الآسيوي» الذي تتزعمه اليابان. كما يسعى الصينيون إلى عقد شراكات إقليمية في غرب آسيا واستقطاب الدول ال21 الأعضاء في «قمة آسيا والمحيط الهادئ» لإقامة منطقة تجارة حرة تقودها الصين، وهو ما يظهر أن المنافسة بينهما لا تزال حامية الوطيس، على رغم التعاون التجاري وربما المناخي بين الدولتين العملاقتين.