أعوام عدة كان فيها عدد من المخترعين «ذكور وإناث» يشكون ضعف الاهتمام بهم وبمخترعاتهم، ويجدون أن ما يحظون به يعد دون المستوى المأمول والمتناسب مع مواهبهم وإمكاناتهم. أعوام عدة مضت والمخترعون يتمسكون بأي قارب إنقاذ يحقق لمخترعاتهم الدعم المستحق ويقودهم نحو شواطئ تقدر جهودهم وتحترم منتجاتهم العلمية. عند الحديث عن الاختراع والابتكار فإن أبرز الجهات التي تحضر إلى الذهن هي مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين (موهبة)، فالأولى تعمل من خلال مكتب براءات الاختراع على رعاية بعض الاختراعات ومنح البراءات الخاصة بها - وإن كان يصاحبها عدد من الملاحظات -، أما الثانية فدأبت منذ تأسيسها على احتضان الموهوبين على مستوى المملكة، وقدمت عدداً من البرامج والمبادرات الداعمة - وإن كانت هي الأخرى تواجه تحفظاً من البعض-، المهم أن هناك خطوات للاهتمام بفئة تشكل سبباً لتطور المجتمعات وتقدمها، بصرف النظر عن كون تلك الخطوات تنافس السلاحف في بطئها. الأخبار الخاصة ترد لتتبعها الصدمة، فعدا عن كون رعاية المخترعين يمكن وصفها ب«الخجولة»، فإن هذا الخجل سيزداد ويتضاعف، بعد أن علمت «الحياة» من مصادر في معرض «ابتكار» أن مؤسسة «موهبة» ستوقف المعرض نهائياً بعد أن اختتمت فعالياته أمس، وستركز معظم أنشطتها المقبلة على الموهوبين من طلاب وطالبات التعليم العام فقط، فهذا المعرض الذي كان بوابة إيجابية للمخترعين وأتاح لهم التعريف بأعمالهم التي استغرقوا في تنفيذها وقتاً - ذهنياً وعملياً -، وأسهم في وصول بعضهم إلى عدد من المستثمرين المهتمين برعاية المخترعات والترويج لها، لن يكون حاضراً بعدُ من «موهبة»، وذلك بناء على قرار اللجنة التنفيذية في المؤسسة التي يرأسها وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله. صدمة جديدة تتبع صدمات عدة واجهها المخترعون، هذا ما أوضحه المخترع المشارك في معرض «ابتكار» هذا العام المخترع حمود البدراني الذي شارك باختراع عبارة عن «بلوك» يسهم في خفض كلفة البناء، إذ اعتبر البدراني أن المخترعين في السعودية اعتادوا على التهميش والتجاهل، مشيراً إلى أن مثل هذه المعارض واجهة لعرض المنتجات حتى وإن كان تفاعل المستثمرين معها ضعيفاً، مشدداً على أن المخترعين بحاجة إلى خطوات أكثر فاعلية حتى تتطور المنتجات وتصل إلى المستثمرين، مضيفاً: «سمعنا قبل أعوام أن هناك شركة حكومية ستعمل على تبني الاختراعات لكن للأسف هذه الشركة لم ترَ النور، والآن يضاف على ذلك إيقاف هذا المعرض». المعرض الذي أقيم تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وحظي أول من أمس بزيارة النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير مقرن بن عبدالعزيز، تجده المخترعة نجوى الصاعدي التي شاركت ببرنامج إلكتروني لمساعدة الطفل التوحدي، أنه يعكس تقدماً في الدعم الحكومي للمخترعين والمخترعات ورفع الوعي بأهمية الاختراع والابتكار. وقالت ل«الحياة»: «المعرض يمثل ملتقى للمستثمرين والمهتمين بالمجالات التقنية والعلمية ويسهم في تبادل الخبرات والآراء، وبالنظر إليه نجد أن معظم المشاركين فيه ممن تجاوزا التعليم العام، لذا يفترض أن يتواصل الدعم والاهتمام بجميع المخترعين بصرف النظر عن فئاتهم العمرية». أما المخترع حسن باذنين المشارك باختراع متخصص في السرعة، فأوضح أن مؤسسة «موهبة» لم تقدّم له الدعم الذي يأمله، لافتاً إلى أنه لم يجد أن المستثمرين يتفاعلون مع اختراعه وأن دوره لم يتجاوز حدود العرض، معتبراً أن هناك دولاً عربية تتجاوز السعودية في دعمها للمخترعين. وفي المقابل ترى المخترعة يسرى الزهراني، التي شاركت باختراع كاميرا حرارية للكشف عن سلامة العمود الفقري، أن المعرض أتاح لها التواصل مع بعض الشركات المهتمة بهذا الشأن، مضيفة: «المعرض فرصة مهمة لنا كمخترعين ومخترعات، وفي حال توقف فإن ذلك سيكون محبطاً لنا». أما المخترع تركي الصافي المشارك باختراع لتنظيم الموازنة المالية للفرد، فيرى أن الدعم الحكومي والقطاع الخاص متدنٍ، داعياً إلى أن يستمر هذا المعرض لدورات مقبلة.