فكرة قد تبدو غريبة بعض الشيء، أن تقدّم للأطفال وجبات فطور صحية، من المنتجات الطبيعية، الخالية من أي مواد كيماوية، إنتاج الطبيعة وبرعاية الفلاحين. لكنها لاقت إعجاباً وطريقاً للتطبيق، تحت اسم «مبادرة للخبز الطبيعي من إجل أطفالنا في ألمانيا». وقد طبّقتها أخيراً إحدى مدارس ايفورت، على أمل بأن تشمل المدارس الأخرى وتصبح قاعدة وليس إستثناء ليوم واحد فقط، علماً أن الخطوات الأولى في هذا المجال انطلقت قبل 12 عاماً. كما أن التغذية وأفضل وصفاتها وتأثيرها في المجتمع من أبرز المواضيع المطروحة حالياً في ألمانيا. فقد وزّع نحو 2000 قطعة خبز حيوي، مع بيضة مسلوقة، وقطع الجزر والتفاح. وضّبها رئيس البلدية والمعلمون والفلاحون في علب صفر. وشهد ذلك الصباح المدرسي استنفاراً عاماً بغية تحضير هذا الفطور، والغاية من هذه المبادرة تعزيز مفهوم الطعام الصحي، وتأكيد أهمية تناول وجبة الفطور، التي إذا كانت جيدة ومفيدة يمكن الارتكاز عليها لبقية ساعات النهار. كما تهدف إلى الترويج للطعام الصحي العضوي Bio، والابتعاد قدر الإمكان عن تناول المنتجات غير الصحية. كما يفعّل الفطور الجماعي روح المشاركة بين الأطفال. ففي مثل هذا اليوم لا مجال للاختلاف، وما من أحد سيفتح حقيبته ليخرج منها فطوراً أعدته والدته في المنزل. وكان لوحظ أن مطاعم خاصة كثيرة في المدارس، تقدّم طعاماً شديد الدسم أو مطهواً على عجل، ما يعزز فكرة تناول الوجبة على عجل. وهو أمر يرفضه الألمان بقوة، خصوصاً جيل الآباء والجدات، الذي لا يستسيغ تناول الوجبات وفق النمط الأميركي مهما كانت الأسباب، لأنها في نظرهم تجعل المرء يشعر بالشبع على عجل ويزداد وزناً بسرعة فائقة. وقد نوقش طويلاً مفهوم المقاصف في الروضات والمدارس على نطاق واسع في ألمانيا، وسبل تحسينها وتطويرها لتحقيق تغذية صحية ومتوازنة للأطفال. وأثبتت آخر الدراسات أن ثلث تلامذة المدارس في ألمانيا لا يتناولون وجبة الفطور، ما يشكّل تهديداً حقيقياً وفق الاختصاصيين، على مدى تركيز الطلاب في الحصص الدراسية. ويوضح شتيفن كوازباث، أحد منظمي الحدث، والأب لطفلين إن «الهدف من تقديم هذه الوجبة تعليم الأطفال ما هو الفطور الصحي وجعلهم يشعرون أنه أمر مفيد وجيد، بعكس ما يمكن أن يتوقعوه. وقد لاحظنا أن وجبة فطور كثر منهم تقتصر على تناول شرائح الشيبس (البطاطا)، أو قطعة من الشوكولا». من جهة أخرى، تؤكد المدرّسة سوزانة هويشل أن «التجربة تثير فضول الصغار وتحفّزهم. لسنا متأكدين تماماً أنهم سيرغبون لاحقاً في تحضير فطور صحي أو المطالبة به، لكن علينا الربط بين العملية التربوية التي تتعلق بالدراسة والعملية الغذائية. الغذاء الجيد يساعد على تحسين الفهم والأداء المدرسي. لذا، فهي أيضاً رسالة موجهة إلى الأهل الذين مع سرعة إيقاع الحياة، بدأوا يتهاونون كثيراً في تحضير طعام صحي لأطفالهم».