يُذكّر العنوان بحادثة ما زالت طريّة في الأذهان. فقبل بضع سنوات، أثارت عملية «قصف» سَطح القَمَر التي أجراها مِسبار الفضاء «آل كروس» التابع ل «مشروع رصد الحُفَر النيزكيّة على القَمَر والاستشعار بالأقمار الاصطناعية» الذي تُشرِف عليه «الوكالة الأميركية للفضاء والطيران» («ناسا»)، أسئلة مريرة عن جدوى تلك الجهود. وبعيد عملية «القصف»، أطلّ باحثون من وكالة «ناسا» على الإعلام ليكشفوا أن المِسبار «آل كروس» أرسل معطيات إلى الأرض تفيد بأن المياه موجودة بين المواد التي تطايرت من أرض الحفرة النيزكيّة «المقصوفة»، وهي حفرة قابعة في القسم المظلم من القمر بصورة دائمة. العودة إلى التابع المُنير فتح هذا الاكتشاف فصلاً جديداً حول فهم القمر وجدوى الاهتمام به. وربما ساعد ذلك في حسم الجدل حول خطة للهُبوط مُجدّداً على سطح القمر في العام 2020، مع أفق تطويرها لتضحي مشاريع عن سَكَنٍ مُستدامٍ للبشر على القَمَر مُستَقبلاً. وإذ أرسلت «ناسا» مِسبار الفضاء «آل كروس» إلى القمر، فإنّها حمّلته جِسْماً ثقيلاً لصدم سطح القمر، ما أحدث تجويفاً في حفرة نيزكيّة تُسمّى «كابيوس» قرب القُطب الجنوبي للقمر. وتطايَرت زخّات من تُراب القَمَر بزاوية مُرتَفِعة فوق حافة الحفرة، ما عرّضها إلى أشعة الشمس بصورة مباشرة، مُتيحاً لكاميرات المِسبار «آل كروس» الحصول على صورٍ واضحة للمواد المُتطايرَة. ومنذها، ينكبّ الفريق العلمي لمشروع «آل كروس» على العمل بشغف في تحليل كميات هائلة من البيانات ما فتئ المِسبار يرسلها إلى الأرض. وقبل فترة غير بعيدة، توصّل الفريق عينه إلى تقصي «البَصَمات» الضوئية المعروفة للماء في صور «آل كروس». وأكّد أنطوني كولابرايت رئيس الفريق البحثي لمشروع «آل كروس» أن مُطابَقة «البَصَمات» الضوئيّة لماء القمر مع نظيراتها على الأرض، كانت واضحة تماماً، وأنّه ليست هناك عناصر اخرى باستطاعتها التأثير في هذه النتيجة. ويحاول أعضاء هذا الفريق البحثي التعرّف إلى مواد اخرى ربما تطايرت من تلك الحفرة. وفي هذا السياق، أكّد كولابرايت أن المُعطَيات البَيانيّة المُرسلة من مِسبار الفضاء «آل كروس» غَنيّة جداً بالمعلومات، ما يعني أن تحليلها وفهمها بصورة معمّقة يتطلّبان مزيداً من الوقت.