عاودت ظاهرة الجثث المجهولة إلى بغداد والمناطق المحيطة بها مع تصاعد اتهام ميليشيات بتنفيذ «مخطط طائفي». وأعلنت مصادر طبية وأمنية عراقية أمس مقتل 35 شخصاً، بينهم 25 بعد خطفهم، في حادثين منفصلين في تكريت والطارمية، ما يذكر بالنزاع الطائفي الذي شهدته البلاد قبل سنوات. ويأتي ذلك مع تصاعد موجة العنف وتزايد سقوط ضحايا داخل منازلهم في مناطق متفرقة في العراق الذي يعاني من تدهور الأوضاع الأمنية. وتذكر أعمال العنف الجديدة هذه بالنزاع الطائفي الذي ضرب البلاد بين عامي 2006 و2008. وقال ضابط في الشرطة برتبة عقيد إن «مسلحين مجهولين يرتدون زي قوات الأمن ويستقلون سيارات عسكرية خطفوا 18 شخصاً، بينهم ضابط برتبة رائد، بذريعة الاعتقال لدواع أمنية للاشتباه بهم، من منازلهم في قرية مجبل في منطقة الطارمية» ذات الغالبية السنية الواقعة إلى الشمال من بغداد. و «عند الصباح عثر الأهالي على جثث الضحايا مقتولين بالرصاص، وهي ملقاة في مزرعة قريبة من قريتهم». وأكد ضابط برتبة ملازم أول في شرطة الطارمية مقتل 18 شخصاً بينهم ضابط برتبة رائد في الجيش وأربعة من عناصر الشرطة واثنان من زعماء العشائر، بعد اختطافهم ليلة الخميس. وتعد الطارمية (45 كلم شمال بغداد) من المناطق المتوترة وتشهد أعمال عنف متكررة. وفي حادث مماثل، قتل سبعة عمال بعد اختطافهم الخميس في مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد). وقال ضابط في الشرطة برتبة رائد: «عثرنا على جثث سبعة أشخاص قتلوا نحراً في حي القادسية» الواقع شمال تكريت. وأضاف أن «الضحايا عمال في ملعب رياضي يقع غرب المدينة، خطفوا (أول من) أمس وعثرنا على جثثهم». وأكد مصدر طبي في مستشفى تكريت «تلقي جثث سبعة رجال مقتولين نحراً قبل ساعات قليلة»، في حين تحدث ضابط برتبة عقيد في الشرطة عن «العثور على جثتين كاملتين وخمسة رؤوس لرجال من دون جثث». من جهة أخرى، قتل ثمانية أشخاص بينهم امرأة في هجمات متفرقة في بغداد وبعقوبة. ففي بغداد، قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة إن «انفجار عبوة ناسفة في سوق لبيع الأغنام في منطقة النهروان، جنوب بغداد، أدى إلى مقتل شخصين وإصابة أربعة. كما قتل شخص وأصيب خمسة جراء انفجار عبوة ناسفة وسط سوق في منطقة أبو غريب». وقتل أحد العاملين في وزارة البيئة بانفجار عبوة لاصقة في سيارته الخاصة في منطقة الإسكان، شمال بغداد. في بعقوبة (60 كلم شمال بغداد) قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة إن «انفجار عبوتين ناسفتين بعد منتصف ليل أمس (الخميس) في حي الكاطون وسط المدينة، أدى إلى مقتل شخص وإصابة خمسة بينهم امرأة». وأضاف أن «مسلحين مجهولين اغتالوا شخصاً أمام منزله في قضاء الخالص» إلى الشمال من بعقوبة. وفي السعدية، قال ضابط برتبة مقدم في الشرطة إن «مسلحين مجهولين اغتالوا شخصين قرب منزلهما». وفي الموصل (350 كلم شمال بغداد) قال ضابط في الشرطة برتبة نقيب إن «مسلحين مجهولين اغتالوا رجلاً وزوجته وأصابوا ابنتهما، بعد مهاجمتهم داخل منزلهم في قضاء سنجار». في كركوك، أصيب أربعة عسكريين بينهم ضابط برتبة ملازم بانفجار عبوة ناسفة لدى مرور دوريتهم في منطقة الحويجة. كما خطف نجل مدير الوقف الشيعي حبيب سمين ديدار لدى مروره في جنوبالمدينة. وتأتي أعمال العنف هذه غداة مقتل 38 شخصاً في هجمات بينها 12 سيارة مفخخة في عموم العراق. وأدت الهجمات اليومية خلال الأسبوع الماضي إلى مقتل نحو 200 شخص، فيما قتل أكثر من ستة آلاف في عموم البلاد خلال الأشهر الماضية. وقال الشيخ عامر الفواز، الناطق باسم «صحوة شمال بغداد»، أمس إن «الأنباء المؤكدة تشير إلى العثور على 25 جثة تضم شيوخ عشائر ومواطنين من أهالي منطقتي الطارمية والمشاهدة». وأشار إلى أن «هناك روايتين عن الجهة التي تقف وراء حالات قتل الضحايا، أولها تشير إلى تورط تنظيم القاعدة، والثانية تشير إلى تورط الميليشيات». وطالب «التيار الصدر في ديالى بتشكيل لجنة لمتابعة المسيئين والعمل على تقديمهم إلى العدالة»، وشدد على ضرورة أن «يقوم الصدر بزيارة بعقوبة، لما تمثله من دعم وتعزيز قوة النسيج الوطني وتغيظ الأعداء والمتطرفين وأصحاب الأجندة الخارجية». وكانت محافظة ديالى شهدت تشكيل ميليشيات مسلحة من السنة والشيعة، إبان الحرب الأهلية التي شهدتها المحافظة عامي 2006 و2007، قبل شن حملات بشائر الخير الأمنية التي نفذتها الحكومة وأدت إلى قتل واعتقال مئات المسلحين. إلى ذلك، اتهم رجل الدين آية الله العظمى محمد تقي المدرسي «دولاً بدعم الإرهاب في العراق والمنطقة جهاراً نهاراً من دون محاسبة». وشدد على ضرورة «البحث عن أولئك الذين يدعمون الإرهاب في العراق ومحاسبتهم بالتعاون مع وزارة العدل»، مشيراً إلى أن «دم الشعب العراقي وأمنه غالٍ علينا، ولا نسمح لأحد أن يسفك دمه ويسلب أمنه بأي شكل من الأشكال».