ساءنا كاريكاتور السيد حبيب حداد المنشور في «الحياة» في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 لأنه يشبّه موقفي جامعة الدول العربية والأممالمتحدة بمواقف الأشخاص ذوي الإعاقة، في إشارة مبطنة إلى الإعاقة والعجز والضعف. يتأثر نحو بليون شخص حول العالم بالإعاقة، ويشكل عدد الأشخاص ذوي الإعاقة، وفق تقارير الأممالمتحدة، ما نسبته 15 في المئة من عدد سكان العالم. وبغض النظر عن الرسالة التي أراد الرسام إيصالها حول سياسات الأممالمتحدة والجامعة العربية، إلا أن هذا الرسم الكاريكاتوري أثار استياء شريحة واسعة من المواطنين ذوي الإعاقات في الوطن العربي، للأسباب الآتية: أولاً: يجسد الكاريكاتور الصورة النمطية للأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تربط القصور الجسدي بالعجز الاجتماعي، وهي صورة خاطئة تماماً، يتم تعزيزها من خلال وسائل الإعلام، وبهذه المناسبة نود التأكيد أن كل إنسان لديه قصور معين، وإن اختلفت درجته وشدته. ويعتبر القصور أحد أشكال التنوع البشري، أما العجز المرتبط ثقافياً واجتماعياً بالأشخاص ذوي الإعاقة، فسببه الرئيس العوائق البيئية والاجتماعية والفكرية والتي تفترض مسبقاً أن الأشخاص ذوي الإعاقة غير قادرين على العمل والعطاء، ما يؤدي إلى عزلهم وتهميشهم عن مجتمعاتهم في حلقة دائرية مفرغة. فالعجز الحقيقي يكمن في المجتمع الذي يرى أن الأشخاص ذوي الإعاقة عاجزون عن العطاء، ويضع العوائق التي تحول دون إدماجهم وهم الجزء الذي لا يتجزأ من مجتمعاتهم، وأهم هذه العوائق ثقافة التهميش والعزل والإقصاء التي يعززها على سبيل المثال هذا الرسم الكاريكاتوري. ثانياً: إن مواقف الأشخاص ذوي الإعاقة هي علامة من علامات اعتراف المجتمعات بالتنوع البشري ووسيلة لتيسير سبل وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى حقوقهم وهي علامة حضارية مهمة وليس العكس. فوجود مواقف الأشخاص ذوي الإعاقة في أي مجتمع يدل على أن المجتمع متنوع يتقبل كل فئاته ويتعامل على أسس المساواة وعدم التمييز، ولا يدل بأي حال من الأحوال على العجز أو القصور، ولا يحق للرسام عبر رسم كاريكاتوري واحد أن يربط هذه المواقف بمواقف سلبية خاطئة، ونحن الذين نطالب المجتمع العربي بترك هذه المواقف فارغة لمستحقيها احتراماً لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. نتمنى أن تساهموا معنا في تغيير الصورة النمطية تجاه الإعاقة تعزيزاً لنشر ثقافة المجتمع الشمولي للجميع.