بعد أقل من سنة على تدخلها العسكري في مالي، أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان أمس، ان بلاده ستنشر، بعد مصادقة مجلس الأمن على مشروع قرار قدمته، ألف جندي في افريقيا الوسطى لفترة قصيرة تناهز ستة أشهر، من اجل تعزيز القوات الدولية لدعم هذا البلد (ميسكا) في ارساء الأمن. وتضم القوة الأفريقية 2500 من اصل 3600 جندي متوقعين، لكنها عاجزة عن اكتمال هذا العدد بسبب قلة الامكانات، اما باريس فتنشر 410 عسكرياً في مطار بانغي. وقال لودريان: «سترافق فرنسا قوة دولية تضم جنوداً من بلدان مجاورة لوقف المجزرة وانهيار الدولة في ظل بوادر مواجهة دينية»، مستدركاً ان «عملية افريقيا الوسطى لا علاقة لها بمالي»، حيث انتشرت قوات فرنسية فيها منذ كانون الثاني (يناير) الماضي. وتحرص فرنسا على اظهار ان تدخلها المسلح يهدف فقط الى «دعم» عمليات دحر مجموعات اسلامية مسلحة، نافية وجود مطامع في مستعمراتها السابقة، لكنها تبدو، كما في مالي، في المقدمة على كل الجبهات الديبلوماسية والعسكرية. وتوقع السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جيرار آرو المصادقة الأسبوع المقبل على مشروع القرار الذي يدعو ايضاً الى انشاء صندوق لتمويل «ميسكا»، ومساهمة الدول الاعضاء «فيه سريعاً وبسخاء». لكن الولاياتالمتحدة وبريطانيا تتحفظان حتى الآن عن تمويل عملية جديدة لحفظ السلام في افريقيا. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اقترح، في تقرير اولي، نشر بين 6 و9 آلاف جندي دولي لضمان الأمن في افريقيا الوسطى التي تسودها فوضى منذ اطاحة الرئيس فرنسوا بوزيزيه في آذار (مارس) الماضي. وحذر من «اخطار خروج الأزمة عن السيطرة، في حال عدم تنفيذ تحرك سريع وحاسم في افريقيا الوسطى، وان تتفاقم الى نزاع ديني وعرقي بين مسيحيين ومسلمين، قد يؤدي الى فظاعات معممة، ما يجعل الجمهورية بؤرة متطرفين ومجموعات مسلحة». وقبل بضعة اشهر، تعايش المسيحيون الذين يشكلون غالبية السكان في وئام مع المسلمين. لكن سرعان ما أثارت التجاوزات التي يرتكبها متمردو «سيليكا»، وغالبيتهم من المسلمين، توترات دفعت بالمسيحيين الى تشكيل «مجموعات دفاع ذاتي» تهاجم المسلمين. وتحدث رئيس الوزراء الانتقالي في افريقيا الوسطى نيكولا تيانغايي عن «انعدام كامل للأمن، وارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الانسانية»، معتبراً ان «فرنسا تملك امكانات عسكرية ومالية وديبلوماسية لتنفيذ تحرك فاعل».