يتوقع أن تحيل وزارة الاتصال المغربية مشروع «مدونة الصحافة والنشر» إلى الأمانة العامة للحكومة خلال تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، بغية إبداء الملاحظات العامة في شأنه، قبل إقراره في كل من الحكومة والبرلمان. مشروع «قانون الصحافة والنشر» الذي عكفت على إعداده لجنة علمية برئاسة محمد العربي المساري، النقيب السابق للصحافيين وزير الاتصال السابق، منذ أكثر من سنة، جاء خالياً من عقوبة السجن في حق الصحافيين. كما نصّ المشروع على عدم منع أي جريدة وطنية من الصدور أو التوزيع إلا بقرار قضائي. ولم يعد من اختصاص وزارة الاتصال منع دخول أو توزيع أي جريدة أجنبية في المغرب إلا بقرار قضائي أيضاً، وهو المطلب الذي طالما نادت به الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية. ويقترح مشروع القانون فصل الدعوى (القضائية) العامة عن الدعوى المدنية، بحيث يمكن المتضرر أن يلجأ إلى المحكمة للمطالبة فقط بالتعويض المادي أو الرمزي، من دون إلزامية المرور بالنيابة العامة، كما في السابق، إذ كان يترتب عليه التعويض أو الغرامة أو الحبس أو العقوبتان معاً. ويعيد مشروع قانون الصحافة الجديد النظر في جرائم القذف والسب، وجرى توضيحها وتبسيطها على عكس الغموض الذي كان يكتنف القانون القديم، مثل «المس بالنظام العام». ووفق مصادر، فقد زيدت الغرامات تعويضاً للعقوبات التي تسلب الحرية، والتعويض بقي كما هو عليه في القانون القديم. وترك للقاضي التقدير في حجم الضرر الذي يتعرض له المعني. ويضم مشروع «مدونة النشر» أربعة قوانين أساسية هي: قانون الصحافة والنشر، قانون الصحافي المهني، القانون الخاص بالصحافة الإلكترونية وقانون المجلس الوطني للصحافة، إضافة إلى قانونين يتعلقان بالتوزيع والطباعة. كما تتضمن المدونة مقتضيات قانونية تتعلق بالإشهار (الإعلان)، وأخرى تتعلق بحق الصحافيين في الوصول إلى المعلومة. وكانت هيئات حقوقية دولية ربطت تحسن مستوى حرية الصحافة في المغرب بضرورة إصدار «مدونة الصحافة والنشر» الجديدة، علماً أن قانون الصحافة الحالي يعود إلى عام 1957. وأوضح مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن نتائج اللجنة العلمية أوصت بضرورة ترتيب عقوبات على من يمتنع عن إعطاء المعلومة، مشيراً إلى أن الاستثناءات في هذه القاعدة موجودة في الدستور، وستؤخذ في الاعتبار، مشدداً على أن أعضاء الحكومة لن يساهموا في رؤوس أموال المقاولات (المشاريع) الصحافية. ورأى الخلفي أن من شأن هذا التوجه أن يساعد في حل عدد من المشاكل التي يعانيها الجسم الصحافي في المغرب. تضامن مع أنوزلا في المقابل، نظمت «لجنة الدعم والحرية لأنوزلا» أخيراً لقاء تضامنياً مع الصحافي المغربي علي أنوزلا الذي أطلق سراحه بعدما أمضى 39 يوماً في الاعتقال بتهمة «الإرهاب». واعتقل أنوزلا في 17 أيلول (سبتمبر) الماضي، بتهم «تقديم المساعدة عمداً لمن يرتكب أفعالاً إرهابية وتقديم أدوات لتنفيذ جريمة إرهابية، والإشادة بأفعال تكون جريمة إرهابية»، وذلك على خلفية نشره مقالاً ضمّنه رابطاً لشريط دعائي منسوب إلى «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي». ولكونه ملاحقاً قضائياً، اعتذر أنوزلا عن عدم الحضور شخصياً إلى جانب منظمات وشخصيات حقوقية نشطت طوال فترة اعتقاله من أجل إطلاق سراحه والدفاع عن حرية الصحافة والتعبير. ولكن الصحافي المعروف بقلمه الجريء وجه إلى الحاضرين رسالة، تلتها نيابة عنه شقيقته ليلى، أكد فيها أنه سيبقى «صحافياً حراً يبحث عن الحقيقة ويدافع عن حق المواطن في أن يعرف ما يحيط به وببلاده، ومدافعاً عن الحريات وقضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة». كما رفض ما نسب إليه من تهمة الإرهاب الذي يناهضه بشدة. «أنا صحافي في الخط الأول للدفاع عن الحرية والديموقراطية والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان والسلام والتعايش بين كل أطياف المجتمع. وبهذا الإقرار، فأنا ضد الإرهاب ومشروع الإرهاب، ولا يمكن أي صحافي يمتهن حرفة الكلمة ونقل الخبر وتنوير الرأي العام أن يكون جزءاً من مشاريع الظلام والقتل أياً كانت عناوينها ومبرراتها». وكانت جمعيات حقوقية داخل المغرب وخارجه عبّرت عن ارتياحها إلى إطلاق سراح أنوزلا وطالبت بإسقاط التهم التي يلاحق فيها.