اسطنبول، باريس، فيينا – رويترز، أ ف ب – اعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما في ختام زيارته تركيا أمس، ان السلام ممكن في الشرق الأوسط، «لكن يجب ان يقدم الإسرائيليون والفلسطينيون تنازلات، وهو ما يتطلب إرادة سياسية وشجاعة من القيادتين». وكرر أوباما الذي حرص على زيارة تركيا في جولته الاوروبية الاولى لاصلاح العلاقات الاميركية مع العالم الاسلامي تأييده لانشاء دولة فلسطينية، في محاولة لحض المسلمين على تغيير نظرتهم الى بلاده باعتبارها تؤيد إسرائيل على حساب الفلسطينيين. وخاطب اوباما مجموعة من الطلاب قدموا الى اسطنبول من انحاء تركيا بالقول: «يعتقد البعض أن الولاياتالمتحدة بلد اناني»، داعياً اياهم الى التنبه من بعض الافكار المسبقة عن بلاده، فيما دافع عن تأييده اول من أمس لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، وذلك في مواجهة فرنسا التي تتقدم مجموعة معارضي عضوية الدولة المسلمة في اوروبا. وقال: «الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي صديق وحليف جيد، ولكن عدم كون الولاياتالمتحدة جزءاً من اوروبا لا يعني انه لا يحق لها تبني موقف من القضية»، علماً ان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير صرح امس بأنه بات لا يؤيد انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، بعدما «صدم» من الضغوط التي مارستها تركيا لعرقلة تعيين رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوغ راسموسن اميناً عاماً جديداً للحلف الاطلسي (ناتو) على هامش قمة الحلف الاطلسي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية السبت الماضي. ورضخت تركيا لتعيين راسموسن في مقابل ضمان الرئيس اوباما معالجة مشكلة التحفظات التي ابدتها انقرة في شأن دفاع رئيس الوزراء الدنماركي السابق، باسم حرية التعبير، عن نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للاسلام في بلاده عام 2006، ما اغضب العالم الاسلامي. وفي رد نمسوي على تصريح اوباما الخاص بتركيا، اعلن وزير الخارجية ميكايل شبيندلغر ان الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي «ستقرر بمفردها» مسألة انضمام تركيا الى الاتحاد. واضاف: «ليس الامر جديداً. لقد حاولت ادارة الرئيس السابق جورج بوش اقناعنا بالأمر، لكن الواضح ان الاتحاد الاوروبي ودوله ستحسم القرار وحدها استناداً الى تغيير تركيا موقفها من ثمانية فصول مجمدة في المفاوضات، والذي لم يحصل حتى الآن»، علماً أن 10 فصول فقط من اصل 35 فصلاً رئيسياً تشملها المفاوضات فتحت منذ عام 2005. وجمدت الفصول الثمانية منذ كانون الاول (ديسمبر) 2006 على خلفية رفض انقرة فتح موانئها ومطاراتها امام سفن وطائرات جمهورية قبرص التي لا تعترف بها تركيا. والتقى اوباما قبل مغادرته انقرة البطريرك الارمني مصروب الثاني وكبير الحاخامين في اسطنبول اسحق هاليفا ومفتي المدينة المفتي مصطفى كاجرجي وكبير اساقفة السريان الارثوذكس يوسف جيتين، في اطار جهوده لتوحيد صفوف المعتدلين من كل الاديان في مواجهة التطرف، علماً انه أكد اول من امس ان الولاياتالمتحدة ليست في حال حرب مع الإسلام. وقال: «شراكتنا مع العالم الإسلامي مهمة للقضاء على أيديولوجية التطرف التي يرفضها الناس من مختلف الأديان». وزار اوباما يرافقه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان كنيسة آيا صوفيا التي تحولت الى متحف والمسجد الازرق في اسطنبول. واجمعت الصحف التركية على الاشادة بانفتاح الرئيس الاميركي على العالم الاسلامي، وتشديده على الطابع الاستراتيجي للعلاقات الثنائية مع تركيا، بعدما تأثرت سلباً بالاحتلال الاميركي العراق عام 2003. وعنونت صحيفة «وطن» الشعبية على صفحتها الاولى: «اوباما استولى على القلوب»، فيما رحبت صحيفة «زمان» الاسلامية المحافظة بما اعتبرته «رسائل تاريخية». لكن ذلك لم يمنع اعتقال الشرطة التركية لوقت قصير شخصاً اشتبه بأنه اعد لهجوم على الرئيس اوباما. واوضح مصدر امني ان المعتقل اوقف استناداً الى بلاغ تلقته السلطات الاسبوع الماضي، «لكن تبين ان الموقوف لا يتمتع بكامل قدراته العقلية، ما حتم الإفراج عنه بسرعة لأنه ليس مصدر خطر». وشكلت زيارة أوباما تركيا التي امتدت يومين اعترافاً بالمكانة الاقليمية للبلاد وقوتها الاقتصادية واهمية علاقاتها الديبلوماسية مع اسرائيل وايران والعراق وسورية، في وقت تسعى ادارة اوباما الى رأب الصدع مع خصوم مثل ايران وسورية. وتوفر تركيا طريق عبور رئيسي للقوات والمعدات الأميركية التي ترسل الى العراق وأفغانستان. ومع خفض الجيش الأميركي لعدد قواته في العراق يمكن ان تضطلع قاعدة «إنغيرليك» الجوية جنوب شرقي تركيا بدور عسكري رئيسي، وهو ما ناقشه أوباما مع القيادة التركية.