على شاشة قناة «أون» المصرية ضبطت برنامجاً ينتمي إلى شاشة أخرى، دولية، هي «بي بي سي» العربية. كان برنامج «نقطة حوار» الذي يقيم حواراً مع المشاهد العربي في كل مكان عبر وسائل التفاعل الاجتماعي الحديثة، ولم يكن هذا التعاون حديثاً جداً، إذ له شهور عدة، كما ضبطت تعاوناً مماثلاً بين «بي بي سي» وقناة «الحياة» المصرية، لكنه لم يستمر طويلاً. الأكيد أن ما تقدمه «بي بي سي» البريطانية الدولية يعبر عن أمرين مهمين: الأول هو خبرة العاملين فيها بالأنواع البرامجية الأكثر أهمية في سياق اللحظة الزمنية التي نعيشها في عالمنا العربي، وبخاصة منذ انطلاق ثورات «الربيع العربي»، والثاني هو قدرة هذه الشبكة على إقامة حوار عبر العالم العربي وداخله، وبما يفوق قدرات القنوات العربية نفسها، حتى المصرية داخل مصر، وهو ما بدا واضحاً في الشهور السابقة من هذا العام، حيث استطاعت برامج الحوار حول الأوضاع الراهنة في «بي بي سي» العربية اجتذاب أعداد متزايدة من المشاهدين من أعمار مختلفة، لأسباب عدة أولها قدرة العاملين في الشبكة على اجتذاب إعلاميين محترفين، عرب وغير عرب، حول موائد الحوار في برامجها مثل «حديث الساعة» و «سبعة أيام» أو برامج التفاعل مع الجمهور العادي، وعبر برنامج جديد مثل «أنا الشاهد» الذي يحضّ المشاهد على التفاعل، قبل أن يفتح الستار أمامه كي يرى غرفة الأخبار العملاقة، مؤكداً أنها «غرفة أخبار العالم»، والغرفة التي تتحدث ب27 لغة. ولكن على رغم هذا كله، وقعت الشبكة العريقة في خطأ فادح عبر نشرتها الإخبارية ظهر الخميس الماضي حين نقلت خبراً عن نيجيريا حول جمعية لتعليم الموسيقى الكلاسيكية ترعاها شركات عدة هناك، ووضعت تحت العنوان شعاراً ثابتاً هو «نيجيريا تتصدر الدول الأفريقية في الموسيقى العصرية والكلاسيكية»، ويا له من خطأ، ألا تعرف الشبكة الكبرى أن أكاديمية الفنون في مصر عمرها 60 عاماً، وأن المعهد العالي للموسيقى «الكونسرفتوار» تجاوز عمره نصف قرن، وأن معهد الباليه المصري عريق، وأن أوركسترا القاهرة السيمفونية ودار الأوبرا المصرية أول من علم ودرس الموسيقى وفنونها في القارة؟ فهل مصر خارج أفريقيا في رأي «بي بي سي»؟ أم أنهم لا يعرفون هذه المعلومات القديمة جداً على رغم «غرفة أخبار العالم» بكل فروعها؟ وهل يحتاج المشاهد العربي إلى هيئة عربية لرصد دقة وصدقية المعلومات التي تأتينا من كل قنوات التلفزيون وشبكاته... مهما كان تاريخها وحجمها الإعلامي؟