للدراما والأفلام الهندية سحر خاص، فهي تجذب شريحة واسعة من الجمهور لاحتوائها عناصر فنية جذابة من رقص وغناء وموسيقى فضلاً عن حكايات ميلودرامية ورومانسية تصلح تماماً للتسلية وتزجية الوقت. ولا أحد يستطيع أن ينفي أن صالات السينما في المنطقة العربية، وقبل انتشار البث الفضائي، كانت تراهن على الأفلام الهندية لجني الأرباح. والملاحظ ان هذه الأفلام لم تفقد بريقها حتى اللحظة، فها هي محطة «أم بي سي» تطلق قناة جديدة متخصصة في الدراما والأفلام الهندية تحت اسم «ام بي سي بوليوود»، وتقول المصادر إن المحطة الوليدة ستنفتح، كذلك، على فنون آسيوية، فضلاً عن الهندية، من باكستان وافغانستان والصين وكوريا. هذه المحطة الجديدة، التي بدأت قبل أيام، تحتل، ربما، الرقم العاشر بين مثيلاتها التي اهتمت بالتوجه ذاته، مثل «زي أفلام»، و «زي ألوان»، و «زي فيلم هندي»، و «بي فور يو»... وسواها. ولا شك في أن الجمهور الذي تستهدفه هذه المحطات هو العمالة الآسيوية التي باتت تستقر بأعداد هائلة في دول الخليج العربي، وهو ما لاحظه الشاعر والمسرحي الإماراتي الراحل أحمد راشد ثاني، قبل سنوات، عندما كتب مسرحيته «الأرض بتتكلم أوردو»، في إشارة إلى كثافة الحضور الآسيوي في بلاده، على اعتبار ان الأوردو هي إحدى اللغات الرئيسة في آسيا، فهي اللغة الرسمية في باكستان، وتتكلم بها ولايات في الهند وأفغانستان... لكن الأمر لم يعد يقتصر على الأرض، بل امتد إلى فضاء البث الذي يحفل بمحطات تعرض الأفلام والبرامج والمسلسلات الآتية من آسيا، ولا سيما الهند لكونها البلد الأكبر في الصناعة السينمائية. ولكن، هل هذه المحطات تستهدف الجمهور الآسيوي الوافد، فحسب؟ الجواب طبعاً هو بالنفي، ذلك أن الكثير من الأفلام والبرامج تعرض مدبلجة، وإذا لم تكن كذلك فهي تترجم إلى العربية، وهذا يعني أن هذه المحطات تتوجه إلى الجمهور العربي كذلك... بل إن الأمر لم يعد مقتصراً على الأفلام، فمع كثرة القنوات ظهرت، كذلك، البرامج التي تنقل آخر أخبار نجوم بوليوود، وبرامج مماثلة ثقافية ترصد طبيعة الحياة في شبه القارة الهندية وشرق آسيا. واللافت أن هذه القنوات تتخصص في الفنون، وتهمل الأخبار السياسية، ففي حين نجد محطات ناطقة بلسان الضاد مثل «بي بي سي» و«فرانس 24 « و«روسيا اليوم» و«الحرة» تقتصر على الأخبار والبرامج السياسية، فإن القنوات الآتية من الشرق تهتم بالفنون فحسب. ولعل هذه ميزة تعفي المشاهد من التوتر الذي تجلبه الأخبار السياسية، ومن النافل القول إن قضاء نحو ثلاث ساعات في متابعة أميتاب باتشان وآشواريا راي وعرفان خان وبيانكا شوبرا وشاه روخان أفضل بما لا يقاس من متابعة أخبار التفجيرات والصراعات والتصريحات السياسية الفارغة... وليت الحياة في منطقتنا المضطربة تتحول إلى فيلم هندي طويل حيث الرقص والغناء ولوعة الغرام وقصص الحب بمختلف تلاوينها.