في منتصف شهر تشرين الثاني (نوفمبر) تأسست "منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة" (يونيسكو) التي حققت إنجازات ملموسة في أقطار عدة من العالم، منذ تأسيسها العام 1945، بعد الحرب العالمية الثانية. و"يونيسكو" منظمة متخصصة من منظمات هيئة الأممالمتحدة،ترأسها حالياًالبلغارية إيرينا بوكوفا، بعد فوزها في الانتخابات التي أًجريت في 2009، وحصلت فيها على 31 صوتاً، متقدمةً بذلك على المرشح العربي المصري فاروق حسني، بفارق 3 أصوات. تهدف المنظمةالى "بناء ثقافة سلام حقيقية، وتحقيق تضامن فكري ومعنوي بين الناس، وسيادة القانون وحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية". وتضماليوم 193 دولة. افتتحت مقرّها الرئيسي في باريس العام 1958. ولديها أكثر من 50 مكتباًتمثيليا في أنحاء العالم. تاريخها: بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918) اتفقت معظم دول الحلفاء على انشاء منظمة أُطلق عليها "عصبة الأمم". اعترفت المنظمة بأهمية تطوير التعاون الثقافي بين سائر بلدانالعالم، وأصبحت مع"مكتب التعليم الدولي"، في جنيف بسويسرا، نموذجاً حذت "يونيسكو" حذوه فيما بعد. وأثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945) انعقد مؤتمر لوزراء التعليم في دول الحلفاء بانتظام في لندن، وتركز اهتمامهم على تجديد نظم التعليم التي تجاوزتها الحرب. ووُقّع ميثاق الأممالمتحدة في سان فرانسيسكو، في حزيران (يونيو) 1945، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من السنة ذاتها، انعقد مؤتمر الأممالمتحدة لتأسيس"منظمة التربية والعلوم والثقافة" في لندن، ووضع ممثلو 44 دولة عضو مواد التنظيم الأساسية للمنظمة، وصادقت عليها 20 دولة. كانت المنظمة موضعجدل كبير على مرّالوقت.فخلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي، اعتقدت الدول الغربية وبخاصة الولاياتالمتحدة الأميركية وبريطانيا، أن الدول الشيوعية ودول العالم الثالث تستغل المنظمة لمهاجمة الغرب، الأمر الذي حدا بالمنظمة الى تطوير خطة من أجل "نظام عالمي جديد"،بهدف اقامة توازن بين الشمال الغني والجنوب الفقير في ميدان الثقافة والإعلام، كأساس لنظام إقتصادي جديد يصحح الخلل بين الطرفين. رفض الغرب هذه الخطة بحجة أنها محاولة من دول العالم الثالث والدول الشيوعية لتدمير حرية الإعلام، فانسحبت أميركا من المنظمة في العام 1984، وتلتها بريطانيا في 1985.وعادت هذه الاخيرة الى "يونيسكو" في 1997،بينما بقي الاميركيون خارجها حتى العام 2003. الهيكل التنظيمي: تُدار اليونيسكو من قبل هيئتين رئيسيتين، هما: المؤتمر العامالذي يتكون من مندوبين معينيين من الدول الأعضاء في المنظمة. يجتمع كل سنتين، ويضع السياسات والبرامج ، ويُصادق على الموازنة العامة، ويصدر اللوائح الخاصة بالعاملين، ويختار أعضاء المجلس التنفيذي، ويعيّن المدير العام، ويختصّ بقبول الأعضاء الجُدد، ويعد الاتفاقات والتوصيات لتصادق عليها الدول الأعضاء. المجلس التنفيذي يتكون من 58 عضواً، يُنتخبون لمدة أربع سنوات، ويجوز إعادة انتخابهم. يعقد المجلس دورات منتظمة مرتين كل عام، ويشرف على الأعمال المتعلقة بتنفيذ برامج المنظمة، ويُعدّ جدول أعمال المؤتمر العام، ويوصي بقبول الأعضاء الجدد، ويقترح اسم من يرشح مديراً عاماً. تجتمع الهيئتان الإداريتان للمنظمة بشكل دوري، للسهر على حُسن سير العمل،وترتيبالاولويات، وتحديد أهداف الأمانة التي يرأسها المدير العام. دور المنظمة: اتفقت الدول التي تنتمي إلى المنظمة على الإسهام في قرار السلام والأمن،من طريق التعاون في مجال التعليم التي تعتبره عنصراً مهماً من عناصر التنمية الإقتصادية والسلام، وتساعد الدول في جهودها لنشره. وتتكفل المنظمة بإعداد برامج لتدريب المعلمين، ودورات دراسية،وتقديم بحوث عن التربية. وبدأت "يونيسكو" في وضع برامج لمحو الأمية. كما ترعى مكتبات مستديمة ومتنقلة. وفي العلوم،تعمل المنظمة على تطوير التعاون الدولي، وتشجّع البحوث العلمية، وترعى حلقات التدريب، وتشرف على ادارة المراكز العلمية في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وساعدت في إنشاء المنظمة الأوروبية للبحوث الذرية، التي تقوم ببحوث الاستخدام السلمي للطاقة الذرية. وساهمت أيضاً في تنمية المعرفة في العلوم الاجتماعية من طريق برامج البحوث والتدريب. وتدعو إلى تطبيق العلوم الاجتماعية لحلّالمشكلات العلمية، لذلك كان من بين اهتماماتها العلمية الاجتماعية مشاكل التمييز العنصري، والتنمية الاقتصادية، ووضع المرأة. وفي الثقافةتقوم المنظمة بتقديم النصح والمشورة للحكومات عن كيفية الحفاظ على الآثار القومية وترميمها. وترعى المعارض لكي تتعرف الشعوب الى الأعمال الفنية والأدبية والموسيقية. كما تعمل على توسيع نطاق الاتفاقات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية. وإلى يومنا هذا، تعمل "يونيسكو" على توفير الشروط الملائمة لإطلاق الحوار بين الحضارات والثقافات والشعوب، على أساس احترام القيم المشتركة.