"التخصصات الصحية" تحتفي ب 12,591 خريجًا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    أمير تبوك يُكرّم مواطنًا تقديرًا لموقفه الإنساني في التبرع بكليته لابنة صديقه.    القيادة تعزي رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار ديتواه    جامعة الأمير مقرن تُقيم حفلها الختامي لفعالية "هاكثون أنسنة المدينة"    أسعار النحاس تسجل رقمًا قياسيًا جديدًا    فيصل بن مشعل : المرشدين السياحيين شركاء في إبراز الهوية السياحية للقصيم    الشركة السعودية البحرينية للاستثمار وممتلكات توقعان اتفاقية لتعزيز التعاون والاستثمار في قطاعات استراتيجية    حضور قائد    بوتين يتهم أوروبا بعرقلة الجهود الأميركية    تهمة القتل لمطلق النار في واشنطن    الجبير يلتقي بالمفوضة الأوروبية للبيئة والمرونة المائية والاقتصاد الدائري التنافسي    ولي العهد يشيد بنتائج القمة الخليجية في البحرين    في الشباك    فرع الموارد البشرية بالمدينة المنورة يُقيم ملتقى صُنّاع الإرادة    "بر الرياض" تعقد جمعيتها العمومية وتطلق هويتها الجديدة وخطتها الإستراتيجية 2030    المدينة تشهد تطويرًا متواصلًا للبنية التحتية    الكشافة وصناعة السلوك التطوعي    الملحقية الثقافية السعودية في الأردن تحتفل باليوم العالمي للإعاقة    الثقافة السعودية تحضر في معرض «أرتيجانو آن فييرا»    حفظ النعم    سبع قمم يشارك في مهرجان البحر الأحمر    الدخول الذكي يهدد نزلاء الشقق المفروشة عبر التطبيقات    هرمونات تعزز طاقة المرأة العاملة    العفو الدولية تتهم قوات سودانية بارتكاب جرائم حرب في مخيم زمزم    تحركات جديدة في ملف الرفات وفتح معبر رفح    الشباب والفتيات جيل يتحمل المسؤولية بثقة ونضج    افتتاح متحف زايد الوطني في أبوظبي    43 شراكة مجتمعية بملتقى الجمعيات الأهلية في القطيف    نقاط خدمة جديدة لحافلات المدينة    منال القحطاني تعيد الحياة لطفلة في لحظة حرجة    إقحام أنفسنا معهم انتقاص لذواتنا    لم يكن يعبأ بأن يلاحقه المصورون    منتدى القطاع غير الربحي الدولي يبحث مستقبل الشفافية في العمل الخيري    التعادل يحسم لقاء السودان والجزائر في كأس العرب    إثراء" يستعد لإطلاق حفل "أقرأ" الختامي في نسخته العاشرة.. الجمعة    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمحافظة    الطلاق الصامت.. انفصال بلا أوراق يُربك الأسرة    أمير منطقة تبوك يطلع على تقرير عن منجزات وأعمال لجنة تراحم بالمنطقة    يبحثون التكامل الاقتصادي في القمة ال 46.. قادة الخليج يعززون الدفاع المشترك من البحرين    انطلاق النسخة الثالثة لمعرض التنقل.. الشامي: السعودية الأولى عالمياً في ترابط الطرق    مهرجان البحر الأحمر يعلن تعاونه مع «فيلم العلا»    مجرد (شو) !!    قبل عرضها على سبيستون    الحوثي يعدم المدنيين بتهم «مزيفة»    تصعيد متواصل رغم دعوات التهدئة الأمريكية.. نتنياهو يخطط لمنطقة «منزوعة السلاح» في سوريا    طفل بلجيكي..«دكتور فيزياء»    الهلال يطلب إعفاء بونو من كأس أفريقيا.. ونونيز يريد الرحيل    ألقى بابنته من الشرفة لرفضها فسخ خطبتها    «الجوازات»: الهوية الرقمية لا تستخدم في عبور منفذ سلوى    اندثار المواهب والحلول لإعادة اكتشافها وصقلها    القيادة تهنئ رئيس الإمارات بذكرى اليوم الوطني لبلاده    جودة النظام الصحي تسبق مهارة الطبيب    شبه القراءة بالأكل    3 ملايين مخطوطة تتصدر حديث ثلوثية الحميد    السفراء الجدد يؤدون القسم أمام ولي العهد    رجل الدولة والعلم والخلق الدكتور محمد العقلاء    القيادة تعزي الرئيس الإندونيسي في ضحايا الفيضانات والانزلاقات الأرضية ببلاده    الداخلية: تخريج 99 ضابطاً من دورات متقدمة وتأسيسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب والمسألة الشرقية المتجددة
نشر في الحياة يوم 22 - 11 - 2013

إثر انتصار السلطان العثماني محمد الفاتح عام 1453 في معركته التاريخية، بفتح عاصمة الدولة البيزنطية «القسطنطينية» وتحويلها إلى عاصمة للسلطنة العثمانية باسمها الجديد إسطنبول، واندفاع الجيوش العثمانية بعدها نحو العمق الأوروبي، نشأ ما يعرف في حينه ب «المسألة الشرقية»، والمسألة الشرقية في عواصم القرار الأوروبي كانت تعني آنذاك التعاون بين ملوك أوروبا وأمرائها لإيقاف زحف الجيوش العثمانية الإسلامية نحو القارة الأوروبية، والتي توقفت فعلاً عند مداخل فيينا في عهد حفيد السلطان محمد الفاتح، السلطان سليمان القانوني، الذي وسّع كثيراً الأراضي العثمانية باتجاه أوروبا ودولها، وتوفي في بلاد المجر، إثر عودته من حصار فيينا وهو في طريقه إلى عاصمة بلاده، ونُقل جثمانه إلى إسطنبول ليدفن فيها، وبعدها بقيت المسألة الشرقية بكل معانيها وأهدافها وغاياتها محفوظة في أدراج الملوك والأمراء، ومن جاء بعدهم من الرؤساء في أوروبا، إلى أن أعاد فتحها وطرحها مجدداً، التحالف الفرنسي- البريطاني في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، ليصار إلى تغيير معنى المسألة الشرقية ومفهومها، فلم تعد تعني إيقاف تقدم الزحف العثماني باتجاه الغرب الأوروبي، بل تغيّرت لدى زعماء أوروبا الجدد وخصوصاً الإنكليز والفرنسيين، لتعني المسألة الشرقية بمفهومها الجديد، تقسيم وتقاسم تركة الرجل المريض أي (تقسيم وتقاسم السلطنة العثمانية). وبالفعل عملت بريطانيا مع فرنسا على خداع العرب ليعلنوا ثورتهم الكبرى عام 1916 بقيادة شريف مكة المكرّمة الشريف حسين الهاشمي ضد الخلافة العثمانية المترامية الأطراف والمنهكة والمتحالفة مع دول المحور وفي مقدمها ألمانيا، بحجة أن ثورة العرب ستضمن لهم إقامة دولة واحدة من المحيط إلى الخليج وتتوسطها الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنوّرة والقدس الشريف، غير أن هذا الحلم العربي، اندثر وتحطّم أمام الحلف الصهيوني - البريطاني بوعد بلفور المشؤوم عام 1917، فأعطى من لا يملك إلى من لا يستحق، قسماً كبيراً من أرض فلسطين مع تهجير أهلها وتشريدهم إلى البلاد العربية المجاورة، وتقسيم وتقاسم البلاد العربية بعدها وعلى فترات إلى اثنين وعشرين كياناً عربياً، لتكون بديلاً لحلم العرب بإقامة دولة واحدة قوية من المحيط إلى الخليج، أسوة بوحدة بلاد الترك، وبلاد فارس وما جاورها، وببقية الشعوب الكبيرة، على شرق حوض البحر المتوسط. فها هي المسألة الشرقية تظهر مُجدداً في السنوات الأخيرة وفي المنطقة العربية بالذات، بكل كياناتها من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، خصوصاً بعد الاجتياح الأميركي للعراق، ليتقاسمها مجدداً، التحالف الأميركي- الفارسي المستتر بعناوين مختلفة، ظاهرها العداء للشيطان الأكبر وباطنها الطمع، ومعهما مخططات الحركة الصهيونية في فلسطين، ليتقاسما النفوذ والهيمنة على الرجل العربي المريض بالفرقة والتناحر، فحُوّلت من جراء ذلك، المسألة الشرقية بمفهومها القديم، لإقامة اثنين وعشرين كياناً طائفياً ومذهبياً وقَبلياً في الوطن العربي، يأكل بعضه بعضاً، في لبنان وسورية والعراق والبحرين واليمن والسودان (والحبل على الجرار)، ليسْهُلَ التقاسم بين الجنوح الفارسي الصفوي والطمع الأميركي المتصهين مع الكيان الصهيوني التلمودي.
ها هي ايران بعنصريتها الفارسية، تعبث بأمن معظم البلاد العربية وتعمل على فارسية الخليج، وتحارب بعض العرب بالعرب باسم نصرة «التشيّع» كما هو حاصل في الأحواز والعراق وسورية ولبنان والبحرين، بهدف إقامة جمهورية ولاية الفقيه الأصولية الفارسية. وها هو العدو الصهيوني يحتل فلسطين وما حولها، وها هي أميركا العظمى المتصهينة تعطي لإيران الفارسية في العراق والخليج العربي من النفوذ والأراضي والجُزر العربية ما لا تملكه أو تملك التصرّف به، لنشر مشروعها في كل الكيانات العربية الخائفة من الجنوح الفارسي ومن الحركة الصهيونية ومخططاتها وعدوانيتها.
بهذا المعنى فإن المسألة الشرقية ظهرت مجدداً على الأرض العربية مع بداية هذا القرن، وأضحت وسيلة وورقة تتقاذفها الأطماع الإقليمية والدولية، لمنع العرب من النهوض والاتحاد وبناء تكاملهم، ولو بالحد الأدنى من التضامن لمواجهة التحديات وبناء غد أفضل؟ فهل يقرأ حكام العرب مراحل المسألة الشرقية، كيف بدأت وتطورت وتغيّرت معانيها وأهدافها، لتكون في خدمة التحالف الفارسي- الأميركي المستتر، والعدوان والأطماع الصهيونية الظاهرة؟
وهل يمكن العرب أن يتضامنوا ويتكاملوا قولاً وفعلاً؟ وأن تكون المصلحة العربية أوّلاً لديهم، قبل المصالح الذاتية أو الإقليمية أو الدولية؟ كما هي حالنا في العديد من البلدان العربية؟ وهل يمكن الإنسان العربي أن يتنقل بين البلاد العربية بحرية وكرامة ويستثمر فيها، ويشعر بأنه ينتمي لأرض عربية واحدة تسقط فيها وعنها كل المعوقات التي صُنعت بخبث ومكر لمنع تكامل العرب واتحادهم، ليكونوا أهلاً لحمل رسالة الإيمان في الأرض التي كانت ملتقى كل الأنبياء والرسل والكتب السماوية التي أنزلها الله لتكريم الإنسان في كل مكان.
واجبنا أن نذكّر، لعلّ الذكرى تنفع المؤمنين، والمخلصين والصادقين والأوفياء على هذه الأرض الطيبة. وعلى أولياء الأمور وأصحاب القرار أن يتّعظوا من الماضي ويقرأوا بإمعانٍ تاريخ بلادهم وأمتهم وهذه المنطقة بعين البصر والبصيرة، ليبنوا دولة المواطنة وثقافتها، والولاء للعقيدة والأرض والوجود، وليكونوا كما أرادهم الله، خير أمة أخرجت للناس.
* الأمين العام للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في لبنان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.