اسفرت محادثات الرئيس بشار الاسد مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في اسطنبول امس عن تأسيس «مجلس تعاون استراتيجي عالي المستوى» بين البلدين والغاء تأشيرات الدخول (فيزا) بينهما، مع تأكيد البلدين قرارهما «تطوير شراكة استراتيجية ترسخ التضامن وتعززه بين البلدين الصديقين». واكد الاسد ان التنسيق السوري - التركي «اثبت اهميته لاستقرار» منطقة الشرق الاوسط، مضيفا: «ان نجاحنا في المستقبل مرهون بقدرتنا على اقصاء التدخلات الخارجية عن منطقتنا». وقال ان هذا لا يعني «الانعزال عن العالم، فالتواصل والتأثير المتبادل أمر طبيعي، وهو صحي شرط ان ينطلق القرار من هنا وليس من اي مكان آخر، وان يلبي حاجاتنا ومصالحنا وليس حاجات ومصالح الآخرين على حساب مصالحنا. وعلينا الا نسمح لاي قرار يخصنا ان يأتي من خارج المنطقة او يصنع بأيد غير ايدي ابنائها». وعن عملية السلام، اكد الاسد ان «غياب الشريك الاسرائيلي الناجم اساساً من تطرف المجتمع الاسرائيلي، لن يغير نظرتنا للسلام ولن يجعلنا نتباطأ في العمل على تحقيقه»، قائلا ان الشريك سيوجد عندما تمارس عليه الضغوط التي تجعله يفهم ان اللون الواحد لا يمكنه ان يعيش في الشرق الاوسط المتنوع، وان «السلام ثمنه الوحيد عودة الحقوق كاملة». وكان الاسد يتحدث خلال مأدبة افطار بدعوة من قيادة «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا حضرها نحو 3200 مدعو من كبار الشخصيات التركية، وفي مقدمهم اردوغان، واقيمت في قاعة كبيرة قرب اسطنبول رفعت فيها صورة الاسد واردوغان مع عبارة «خطوة اخرى في طريق الاخوة بين تركيا وسورية»، في اشارة الى مجلس التعاون الاستراتيجي. واجرى الاسد امس مع رئيس الوزراء التركي في مقر الحكومة في اسطنبول محادثات ثنائية وموسعة بحضور نائب الرئيس فاروق الشرع ومعاونه العماد حسن توركماني ووزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان. وافاد ناطق رئاسي ان المحادثات تناولت «اوجه التعاون المختلفة بين سورية وتركيا والأوضاع الراهنة في المنطقة»، وان الاسد واردوغان «استعرضا بارتياح استمرار تطور علاقاتهما في المجالات كافة بهدف خدمة مصالح الشعبين والإسهام بتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي هذا الصدد قرر الجانبان إلغاء سمات الدخول بين البلدين وتطوير شراكة استراتيجية ترسخ التضامن وتعززه بين البلدين الصديقين». واضاف الناطق ان المحادثات تضمنت ايضا استعراضا ل»أوضاع المنطقة وما آلت إليه الجهود المبذولة لاستئناف عملية السلام، وأكدا رفضهما استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلي والحصار المفروض على غزة والسياسات التي تنتهجها إسرائيل بحق الفلسطينيين في القدسوغزة، والتي تشكل خرقاً للقانون الدولي وعقبة حقيقية في طريق السلام». وفيما نوه الأسد ب»الدور الذي تلعبه تركيا من أجل وضع حد للحروب وتحقيق العدالة»، اشار أردوغان الى «الدور المفتاح لسورية في أمن المنطقة واستقرارها». بعد ذلك، وقع المعلم ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو على «الإعلان المشترك لتأسيس مجلس تعاون استراتيجي عالي المستوى» يشمل التعاون في المجالات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والنقل والطاقة ومجالات المصادر المائية والبيئية والثقافة والتعليم والعلم، بحيث يرأس المجلس رئيسا الوزراء في البلدين، ويجتمع مرة على الأقل في كل عام بالتناوب، ويضم الوزراء المعنين في الشؤون الخارجية، والطاقة، والتجارة، والاستثمار، والدفاع، والشؤون الداخلية، والموارد المائية والنقل، أعضاء في المجلس. وقال داود اوغلو إن «القرار الذي اتخذناه في شأن إقامة مجلس التعاون الاستراتيجي عالي المستوى بين البلدين ومن خلال الاتفاقية التي أبرمناها (لالغاء تأشيرات الدخول) تم إقامة تعاون على أعلى المستويات بين البلدين». وسألت «الحياة» وزير الخارجية التركي عن دور ايران في التعاون الذي تسعى اليه مع كل من سورية والعراق، فأجاب :»مستعدون في تركيا لتأسيس آليات تعاون مع ايران. هناك شعار اطلقناه وما زلنا نلتزمه: انهاء القضايا الخلافية مع الجيران وتعزيز العلاقات معها». وقال المعلم ردا على سؤال ل»الحياة» يتعلق بمستقبل الاتفاق الموقع مع العراق في دمشق قبل نحو شهر: «سورية تلتزم بما تتفق عليه. نحن ملتزمون الاتفاق. سمعت اصواتاً في العراق تقول ان سبب اتهام سورية (بالتفجيرات في 19 آب الماضي) جاء من الذي لا يرغب بتفعيل هذا التعاون. آمل في الا يكون هذا صحيحاً لان هذا التعاون الاستراتيجي فيه مصلحة الشعبين الشقيقين».