يواجه لبنان التداعيات الخطيرة لما تخوف منه طويلاً وسعى الى تجنبه، معركة القلمون في المناطق السورية المحاذية لسلسلة الجبال الشرقية، وفيما وصل آلاف السوريين خلال الأيام الماضية الى داخل الأراضي اللبنانية في ظروف بالغة الصعوبة، وفي ظل غياب إمكانات إيوائهم وإغاثتهم. جدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان التمسك ب «إعلان بعبدا» القاضي بتحييد لبنان عن الأزمة السورية وتداعياتها، معتبراً أنه غير قابل للنقض. وجدد سليمان خلال «ندوة الاستقلال من الميثاق الى إعلان بعبدا» التي أقامها «منتدى بعبدا» في فندق فينيسيا أمس، تأكيده أن الإعلان أقر بإجماع الحاضرين (في مؤتمر الحوار الوطني) وتم تأكيد ذلك في جلستين متتاليتين، كاشفاً أن الأمر تم عندما بدأ السلاح والمسلحون يذهبون من الشمال الى سورية، وقال: «آنذاك شعرنا بخطورة امتداد لبنان الى الأزمة السورية وضبطنا باخرة لطف الله فقررنا التحرك، وتمثل التحرك الأول بذهابي الى الخليج، خصوصاً الى المملكة العربية السعودية حيث طلبت من خادم الحرمين الشريفين تحييد لبنان وعدم جعله منطقة لعبور الاسلحة والمسلحين وبعد أسابيع جاء إعلان بعبدا». وإذ أوضح سليمان أن الإعلان أقرّ سياسة التحييد لا النأي بالنفس، ولم يتكلم عن الحياد، قال إنه ليس إعلاناً ظرفياً «وسنكون بحاجة إليه أكثر في المستقبل»، داعياً الى إدخال جوهره في مقدمة الدستور. ولأن الأشهر المقبلة قد تحمل تطورات كبيرة في المنطقة رأى سليمان أن تغليب مصلحة لبنان والاستقلال عن المحاور والصراعات يكون بتطبيق مندرجات «إعلان بعبدا» والعودة الى الحوار بأسرع وقت ممكن من دون التنكر لما أقرته هيئة الحوار. وفيما كان سليمان يؤكد ضرورة تطبيق إعلان بعبدا «المتطابق» مع «الطائف»، كان رئيس «تكتل التغير والإصلاح» ميشال عون يشن هجوماً على «الطائف»، معتبراً أنه «ليس حلاً، بل احتيال لتثبيت القبضة الخارجية على لبنان». الى ذلك، علمت «الحياة» من مصادر في منظمة الدول الفرنكوفونية أن الرئيس سليمان من بين المرشحين لخلافة الرئيس السنغالي السابق عبدو ضيوف في الأمانة العامة للمنظمة بعد انتهاء ولايته في العام 2014. على صعيد المعارك السورية وتداعياتها، استمر أمس وصول موجات جديدة من الهاربين السوريين من معارك بلدات قارة وحليمة قارة ويبرود المتاخمة لعرسال. وتحدثت المعلومات عن أكثر من 10 آلاف نازح وصلوا الى عرسال ورأس بعلبك والفاكهة والعين. وإذ يتوقع وصول المزيد من النازحين مع اشتداد المعارك، فإن البلدات اللبنانية تحتاج مساعدات طارئة وكبيرة من المجتمع الدولي لعجزها عن إيوائهم وتأمين حاجاتهم، كما استمر تدفق الهاربين من قرى المقلب الشرقي لجبل الشيخ الى قرى العرقوب. وسجل أمس وصول مئة نازح الى منطقة شبعا بينهم جريح نقل الى أحد مستشفيات البقاع. وفي السياق، أوقفت وحدات الجيش، على حاجز وادي حميد – عرسال، وفي منطقة بريتال تسعة سوريين حاولوا الدخول الى الأراضي اللبنانية. وأفاد بيان لمديرية التوجيه في قيادة الجيش، بأنه ضبطت في حوزتهم كميات من الأسلحة الخفيفة والذخائر والقنابل اليدوية، كما أوقفت جزائرياً لعدم حيازته إقامة شرعية. وفي الشأن الأمني الداخلي، أعلن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل عن إطلاق المرحلة الثانية للخطة الأمنية في طرابلس، وتقضي بدخول قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة الى الأحياء الداخلية في مناطق الاشتباكات في جبل محسن وباب التبانة، على أن تؤازرها وحدات الجيش عند الحاجة.