دخلت الكنيسة المارونية، في لبنان، على خط السجال بين الفرقاء المسيحيين حول قانون الانتخاب بعدما تكاثرت المشاريع واقتراحات القوانين المتقابلة بين نواب «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي بزعامة العماد ميشال عون (الذي يؤيد النظام النسبي) من جهة وبين حزبي الكتائب و «القوات اللبنانية» (اللذين اقترحا 50 دائرة انتخابية على أساس النظام الأكثري) من جهة ثانية. وأعلن المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم برئاسة البطريرك بشارة الراعي في شكل استثنائي، رفضهم الإبقاء على القانون الحالي المعروف بقانون ال60 وكل ما أدخل عليه من تعديلات لأنه لا يؤمن التمثيل الصحيح وقد نتج منه استتباع قسم كبير من المسيحيين وغيرهم للطوائف الأخرى على نحو يخالف صيغة العيش المشترك والمناصفة (بين المسيحيين والمسلمين). ويؤيد اعتماد قانون ال60 رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط. وإذ دعا مجلس المطارنة الى ادخال إصلاحات على القانون الجديد شددوا على حتمية إجراء الانتخابات في موعدها القانوني في أيار (مايو) المقبل. وسعى الراعي الى محاولة تحقيق توافق بين القيادات المارونية، فدعا لجنة المتابعة المنبثقة من لقاء الأقطاب الموارنة الى اجتماع عاجل عقد ليل أمس برئاسته. في غضون ذلك، ظلت تداعيات الأزمة السورية على لبنان ميدانياً وسياسياً في صدارة الاهتمام، وقصفت طائرات حربية سورية المنطقة الواقعة على الحدود اللبنانية - السورية والمقابلة لجرود بلدة عرسال البقاعية، ومنطقة الجورة، لليوم الثاني على التوالي، وفيما ذكرت أنباء صحافية ان القصف طاول مناطق لبنانية حدودية غير مأهولة في الجبال، ذكرت مصادر أمنية ان القصف أصاب مناطق داخل الحدود السورية. وشهد بعض المناطق اللبنانية تظاهرات تأييد للثورة السورية لا سيما في مدينة طرابلس، بعد صلاة الجمعة. وفيما أشارت معلومات الى تدفق المزيد من النازحين السوريين الى منطقة البقاع، شدّد الرئيس اللبناني ميشال سليمان على «وجوب وقف القصف السوري والخروق للجانب اللبناني»، مؤكداً ان «لا مناطق عازلة على الإطلاق». وإذ أشار الى ان الجيش اللبناني «كلف ضبط الحدود ومنع تهريب الأسلحة والمسلحين»، لفت الى «أهمية مساعدة الجيش اللبناني بالسلاح والعتاد لتمكينه من القيام بواجبه في الدفاع عن لبنان وحفظ السلم الأهلي في الداخل»، معتبراً ان «توافق أعضاء هيئة الحوار الوطني على إعلان بعبدا لجهة تحييد لبنان عن صراعات الدول المحيطة، ساهم في تجنيب البلد انعكاسات هذه الصراعات وتداعياتها على الساحة الداخلية». لكن سليمان أكد، أمام سفراء الدول الأوروبية المعتمدين لدى لجنة السياسة والأمن في الاتحاد الأوروبي برئاسة رئيس اللجنة أولوف سكوغ وحضور سفيرة الاتحاد لدى لبنان انجيلينا ايخهورست، على «أن هذا الحياد لا ينطبق على الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ولا على القرارات الدولية ولا مساعدة اللاجئين السوريين الى لبنان». وأكد ان العنف «لا يحل مشكلة». وأمل بأن «تنجح المساعي ولا سيما منها تلك التي يقودها الموفد الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي في إيجاد حل للوضع في سورية». وعوّل على «دعم الاتحاد الأوروبي في موضوع المساعدات الإنسانية والطبية للاجئين بعد ازدياد عددهم بشكل كبير نتيجة الظروف التي تمر بها سورية». ورد سليمان على استيضاحات السفراء الحضور قائلاً: «ان هيئة الحوار الوطني تبحث في الإستراتيجية الوطنية للدفاع والإفادة من قدرات المقاومة لتكون الى جانب الجيش عندما تدعو الحاجة في حال تعرض لبنان لأي اعتداء خارجي إسرائيلي بنوع خاص»، مشدداً على «ان العنوان العريض والأساس هو حصرية استعمال هذا السلاح للدفاع عن لبنان فقط». ورأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الكلمة التي ألقاها باسم لبنان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن «التداعيات الأمنية للأزمة السورية تهدد السلم الأهلي والاستقرار في الشرق الأوسط لا سيما في لبنان»، داعياً المجتمع الدولي الى «بذل جهود كبيرة من أجل حل سياسي بين الأطراف السوريين». وذكّر بأن لبنان «اعتمد مبدأ النأي بالنفس في مقاربة الشأنين السياسي والأمني في الأزمة السورية حفاظاً على التوازن والاستقرار في لبنان». وأشار الى ان «عدد النازحين السوريين الى لبنان بدأ يتخطى المستوى الذي يمكننا استيعابه بمفردنا». مطالباً الهيئات الدولية «بمساعدتنا». وكان رئيس البرلمان نبيه بري التقى سفراء الدول الأوروبية بدوره فحذر مجدداً من «مخطط سايكس بيكو جديد في المنطقة».