تشير الدراسات التاريخية إلى أن خان العمدان في مدينة عكا على الساحل الفلسطيني، قد تم بناؤه في فترة ولاية احمد باشا الجزار للمدينة، وبالتحديد في عام 1785 ميلادية، بالقرب من الميناء لخدمة القوافل التجارية. يعرف ب «خان الجزار» حيث كانت عكا في عهد الجزار وحتى أواخر القرن التاسع عشر مركزاً رئيسياً لتصدير الحبوب المستوردة من حوران، كانت تصل إلى عكا يومياً وعلى مدار الموسم آلاف الجمال المحملة حبوباً لشحنها عبر البحر، وكان التجار والزوار ينزلون في خانات المدينة، وكان أهمها وأشهرها ثلاثة: خان العمدان وخان الفرنج وخان الشاه ورده. وعلى رغم عدم توقف سياسة إسرائيل التهويدية للمدينة منذ احتلالها في عام 1948، بيد أن محاولة تهويد الآثار التاريخية في مدينة عكا خلال السنوات الأخيرة تعتبر دلالة خطيرة على نية المؤسسة الإسرائيلية ترسيخ فكرة يهودية الدولة من خلال تهويد كل مناحي الحياة، وكذلك الآثار. وفي هذا السياق يندرج الإعلان عن مناقصة لبيع أحد مواقع التراث العالمي (المدرج من قبل اليونسكو)، وهو خان العمدان في مدينة عكّا، من أجل تحويله إلى فندق يضم 200 غرفة. ذكر الإعلان باللغة العبرية أنّ «أحد أجمل المواقع التاريخية في عكّا، خان العمدان، سوف يعرض للبيع عن طريق مناقصة من قبل دائرة الأراضي من أجل تحويله إلى فندق يضم 200 غرفة. وسيتم نشر المناقصة بالتعاون مع وزارة السياحة وسيتم تنفيذها من قبل شركة تطوير عكّا». وادعت الوزارة الصهيونية في إعلانها أن «هذا الدمج معد للتطوير والتنمية والمحافظة عليه كموقع تاريخي. وكجزء من الإعلان، سوف ينظر فقط للمرشحين الذين لهم توصية من وزارة السياحية، بعد فحص الوزارة لمخططاتهم وملائمتها للمشروع». كان لخان العمدان على مدار التاريخ، ونظراً لقربه من الميناء، أهمية تجارية. فاستخدمه التجار القادمين إلى عكّا كمستودع وغرف تجارية في الطابق الأول، وكفندق في الطابق الثاني. اكتسب خان العمدان أهميته في ما بعد لدى الطائفة البهائية وكان قد استخدم كمكان لاستقبال الضيوف ومن ثم كمدرسة بهائية. وفي العام 2001، تم إدراج البلدة القديمة في عكّا على قائمة التراث العالمي من قبل منظمة الأممالمتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو). ويعتبر خان العمدان من أبرز وأشهر خانات عكا وهو قريب من الميناء، ويتم الدخول إلى الخان من ساحة عمومية فسيحة في الناحية الشمالية عبر بوابة مقنطرة يعلوها برج عصري مزود ساعة كبيرة، وهو يحتوي على باحة داخلية كبيرة محاطة بالأعمدة (العمدان)، وبني في مدخل هذا الخان العام 1900 «برج الساعة» بمناسبة مرور 25 عاماً على تولي السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة العثمانية. وتم بناء الخان قرب الباب البحري فوق موضع دير الدومنيكان، حيث يسيطر برج قائم على المدخل على الساحة الكبرى في الخان، فيما تمت إضافة وبناء البرج العام 1906، ويتخذ الخان شكلاً رباعياً. لم تكن المحاولات المتكررة لتهويد خان العمدان في مدينة عكا، سوى سلسلة في إطار حلقات متصلة لجهة فرض الأمر التهويدي الواقع على المدينة. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه بقي في داخل المناطق التي أقيمت عليها إسرائيل في 1948 نحو 151 ألف عربي فلسطيني، تجمع القسم الأكبر في منطقة الجليل الفلسطيني ومنها مدينة عكا على الساحل الفلسطيني الجميل، حيث يقطن في مدينة عكا في العام الحالي 2013 حسب الدراسات المختلفة نحو 60 ألف نسمة، من بينهم 40 ألف مستوطن يهودي و20 ألف عربي، أي أن المدينة تعتبر مختلطة من حيث السكان العرب واليهود، ويتمركز العرب في عكا القديمة بنسبة تصل إلى 100 في المئة وخارج الأسوار في حي فولفسون بنسبة حوالى 90 في المئة من الحي، ومركز عكا الجديدة بنسبة حوالى 70 في المئة فيما يتمركز السكان اليهود في الحي الشرقي من عكا حيث موقع الأحداث الأخيرة بنسبة تصل إلى حوالى 98 في المئة وفي شمال عكا بنسبة حوالى 75 في المئة ورئيس بلدية عكا وغالبية مؤسساتها التابعة للحكومة هم من اليهود، لذا يعاني سكان عكا العرب تمييزاً عنصرياً ضد الأقلية العربية في شكل عام وتمييزاً عنصرياً في المدينة في شكل خاص، الأمر الذي أدى إلى قلة عدد المدارس العربية واكتظاظها في المدينة والنوادي الخاصة بهم، ناهيك عن ضعف الخيارات للعربي بفعل سياسة الأسرلة المتبعة في المدينة والتي جعلت الأقلية العربية في داخل الأخضر هامشية في المستوى الاجتماعي والاقتصادي. ورغم التمييز العنصري الواضح ضد العرب في عكا، بيد أن المتابع يشهد تقدماً ملحوظاً للعرب في المدينة على المستوى الاقتصادي، فمعظم المحال التجارية في عكا القديمة ومركز عكا هي للعرب، كما أن العرب في مدينة عكا حصلوا في السنتين الأخيرتين على معدل نتائج في امتحانات الثانوية العامة أعلى ب 12 في المئة من الطلاب اليهود في المدينة. وفي مواجهة الصمود العربي في المدينة قامت السلطات الإسرائيلية باستجرار مجموعات المستوطنين للاعتداء على العرب في مدينة عكا بغية طردهم، وإحلال اليهود عوضاً عنهم للإخلال بالتوازن الديموغرافي وتهويد المدينة في شكل كامل في نهاية المطاف. تعتبر مدينة عكا من أقدم المدن العربية الفلسطينية، حيث تأسست على الساحل الفلسطيني على يد إحدى القبائل الكنعانية المعروفة بالجرجاشيين في الألف الثالث قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وسميت المدينة عكو، أي الرمل الحار، وتقع عكا المدينة في الطرف الشمالي لخليج عكا، ويدل موقعها بين رأس الناقورة شمالاً وجبل الكرمل في وسط فلسطين على أهمية عامل الحماية واختيار الموقع، وأثرت هذه الصفة في البعد الاستراتيجي للمدينة منذ إنشائها.