في حديث وتبرير السفير الإثيوبي - لهذه الصحيفة أول من أمس عن الأحداث التي جرت في الرياض خلال الأيام الماضية - شيء من التساؤلات التي طرحت نفسها من دون قصد، وتقدمت في ثنايا الحديث الأخير عن شَغَبِ شَعْبِ منفوحة. إذ نؤكد له أننا نحترم إنسانية الموقوفين والمرحّلين ونوفر الطعام المناسب لهم، وإن كان كل ثالوث المطالب متوافراً بشكل أو بآخر من قبل أن نبدأ حملة التصحيح. وللأمانة وبجرأة بالغة، يجب أن نتحمل ضريبة الطيبة الزائدة عن الحد، والصمت طوال الأعوام الماضية. نقف مثمنين له المشاركة في تهدئة «أحداث منفوحة»، وله أن نضع أيدينا في يديه لنعرف ونلاحق المجموعات التي لم يسمها واتهمها بارتكاب اعتداءات بحق مواطنات إثيوبيات، ولنا أن نسأله أولاً: لماذا ظل المعسكرون في «منفوحة» طوال الفترة الماضية بلا رغبة أو محاولة لتصحيح أوضاعهم والخروج من النفق الضيق الذي وقعوا فيه الآن، فالمهلة تم تمديدها من أجل الإنسانية، ورغبة في أن ينال المخالفون مدة كافية للعلاج والمضي بهدوء. 38 ألف إثيوبي تم تصحيح أوضاعهم منذ المهلة خلال أقل من أشهر - على حد قولك -، ولي أن أتساءل ثانية كمواطن يقف على خط المنتصف عن عدد تقريبي تحتفظ به السفارة، لنعرف من خلاله كم هو عدد أبناء الجالية الإثيوبية على امتداد الخريطة الوطنية. وأعود به ومعه لنتساءل مرة أخرى: لماذا تجاهل أبناء جاليتكم في «منفوحة» التعليمات والأنظمة والمهلة والتمديد؟ ولماذا لم تسهموا منذ وقت باكر في تقديم مطالبهم وعرضها على الجهات الأمنية المعنية، لنكتشف هل كان طلب حفظ الممتلكات والأموال ورعايتها طلباً قديماً أم مستجداً مع الأحداث. أقدّر أن حجم العمل وانتشار الجالية يعوق دون التمكن من الإحاطة بهم، لكني لا أقبل أن يتحول عمل وفعل مشاغب صريح مشاهد إلى رد فعل كامل الأهلية ومستوفٍ للمبررات، وإن كانت مجموعة تخريبية مجهولة الاسم أشعلت هذه النيران، فكم من النيران التي اشتعلت فينا في ظل وجود مخالفي الإقامة؟ وليت أنكم بادرتم منذ وقت باكر لتشكيل لجنة من المشايخ وكبار السن لمناصحة وتوعية الجالية المقيمة هنا من دون مستند نظامي، لكنها لعنة الأفكار حين لا تولد إلا متأخرة. الأخطاء هي أخطاء ولا تقبل لها اسماً آخر، ولا نبرئ أنفسنا منها قطعاً، لكننا لم نقدم على الحملة التصحيحية إلا وقد يئسنا من ولادة حل. ولسعادة السفير العزيز أن يتخيل أننا في يوم واحد آوينا 17 ألف شخص من مخالفي نظام الإقامة والعمل، ونبصم لك بالعشرة أننا مسؤولون عن هذه الحضانة غير الرسمية والفوضى المستترة والمعسكرات في الأحياء والأزقة والأركان المظلمة، ومع المسؤولية مجبرون على بلع مرارة هذا الرقم، ولكننا ننتظرك أن تقول إن ما حدث في «منفوحة» بالمجمل كان فعلاً مخالفاً غاضباً عنيفاً لا نستحقه ولم نكن ننتظره، أما أن تختصر المشهد الهستيري كرد فعل على مجموعة تخريبية، فذاك ما سأعتبره ذكاء مسؤول ينطلق من أن «خير وسيلة للدفاع هي الهجوم». [email protected] @alialqassmi