شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    الدحيم: «سيتي سكيب العالمي» بات منصة عالمية للفرص الاستثمارية في القطاع العقاري    رابطة العالم الإسلامي تدين استهداف قوات الاحتلال لوكالة "أونروا"    انتظام 30 ألف طالب وطالبة في أكثر من 96 مدرسة تابعة لمكتب التعليم ببيش    الأخضر يرفع استعداده لمواجهة إندونيسيا    وزارة الصناعة والثروة المعدنية تمكِّن 150 مصنعًا من تحقيق معايير الجودة العالمية    حرس الحدود بمكة ينقذ مواطنًا تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    الابتسام يتصدر ممتاز الطائرة    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    دور التحول الرقمي في مجال الموارد البشرية في تحقيق رؤية المملكة 2030    وزارتا الرياضة والاستثمار تعلنان إطلاق منتدى الاستثمار الرياضي (SIF)    وزير التخطيط والتعاون الدولي: المشاريع السعودية تسهم في تحسين الخدمات باليمن    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    تعيين الشثري رئيساً تنفيذياً لهيئة المنافسة    إحباط 3 محاولات لتهريب أكثر من 645 ألف حبة محظورة وكمية من مادة «الشبو»    الخريجي وسفير أمريكا لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    وزير الصحة: 10 % نموي سنوي لقطاع الأدوية بالمملكة    أكثر من 6 ملايين عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أكتوبر 2024    تدشين 3 عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    مقتل المسؤول الإعلامي في حزب الله اللبناني محمد عفيف في قصف إسرائيلي على بيروت    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد السعودية في الاجتماع البرلماني بدورته ال 29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في باكو    "سعود الطبية" تستقبل 750 طفلاً خديجًا خلال 2024م    السياحة: نسبة إشغال الفنادق في الرياض تجاوزت 95% بالتزامن مع إجازة منتصف العام الدراسي    نمو سجلات الشركات 68% خلال 20 شهراً منذ سريان نظام الشركات الجديد    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية (GCAT)    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    "تلال" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب الرياض" بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية لتعزيز جودة الحياة في مشاريعها    المكسيكي «زوردو» يوحّد ألقاب الملاكمة للوزن الثقيل المتوسط لWBO وWBA    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    «الطاقة»: السعودية تؤكد دعمها لمستقبل «المستدامة»    بيولي ينتظر الدوليين قبل موقعة القادسية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    الإستشراق والنص الشرعي    المتشدقون المتفيهقون    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    تجاوز الدحيل القطري.. الخليج ينفرد بصدارة الثانية في «آسيوية اليد»    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة - مشاهد عابرة
نشر في الحياة يوم 12 - 11 - 2013


رقص
دوم تك. دوم تك. تك تك دوم. صمت غافٍ يغلف لحظات الغروب حينما دخلت السيدة إلى قلب البازار المعتم والمنسي في قلب شارع السوق في المدينة العتيقة، الولد شبه النائم لم يفهم ما تقوله، فقط تتبع إشارة يدها للطبلة المركونة بإهمال ناعم خلفه، رفع الطبلة وهو ينفخ الغبار من عليها، مرر الفوطة على الجسد الزلق، وأصابعه لامست الجلد المشدود، فأحس بالحنين يغمر أنامله، نقر نقرة، نقرتين. كيما يجرب الصوت أمام الزبونة الأجنبية، والتي ما أن سمعت النبض الطالع من جلد الطبلة، حتى ارتج بدنها، وتبسمت روحها وطالبت الصبي بمواصلة النقر.
دوم تك. دوم تك. تك تك دوم. ارتفع الصوت على استحياء كأنما يتحسس الأجواء حوله، وتزايد مع شدة تمايل جسد السائحة الغريبة وبدء رقصها، توقف بعض المارة، تبسم البعض والبعض تمايل، تعالت الدقات وجسد السيدة ينحو نحو رقص شرقي صريح، تكدس المارة أمام البازار الضيق، فخرج الصبي وقد غلبته الحماسة، تبعته السيدة بحماسة ومرح أشد، ووقفا وسط الحشد الذي أفسح لهما دائرة في قلب الشارع. الصبي على رُكبة ونصف مغمض العينين يعزف بوله صوفي، والسيدة تطلق من جسدها كل الجمال المكتنز ويشع على الحشد المتراكم من الأجناس كافة، حتى سد الشارع وفاض، يتمايل الجميع رقصاً وطرباً، وبدا جلياً أن المدينة بأسرها دخلت في حالة من الرقص، لا يدري أحد متى يتوقف.
عجوز
كنا جالسين في المقهى في شارع السوق، نقطع الملل بالتفرج على المارين والثرثرة، المناضد مغسولة والأرضية لا تزال تحمل أثار البلل، سياح جالسون، دخل عجوز يتوكأ على عصا من الألومنيوم لها على الأرض رنة، جعلتنا ننتبه لدخوله، يلف شالاً رمادياً حول رأسه ورقبته وقد علقت أوساخ بجلبابه باهت اللون، نظر إلى المقاعد الشاغرة واختار أقربها إلى خطوته البطيئة، وقبل أن يجلس جاءه النادل مسرعاً: تعالى يا عم من هنا.
قالها زاعقاً في العجوز الذي كان يحاول الجلوس بجوار سائح ورفيقته، شده النادل من كُم الجلباب، صاح العجوز: عاوز أشرب تعميرة. رغم علو صوت العجوز إلا أنه بدا كأنه يدلقه دلقاً، لا يحمل نبرة اعتراض بقدر ما كان به من استجداء. صمتنا وتركنا ما بأيدينا ورحنا نتابع النادل وهو يجر العجوز بخشونة والعكاز يحدث على بلاط الأرضية صريراً هشاً، بدت لنا نظرات العجوز تائهة تحاول التشبث بأي نظرة تعاطف، والنادل يقوده إلى الداخل حيث النصبة الملتهبة والجو الذي لا يطاق، أوقفه هناك، وأسرع بالتقاط مقعد، وقال وهو يخبطه على الأرض: اقعد هنا.
استند العجوز بيده الخالية على مقبض الكرسي، ودار بعينيه في المكان والروائح من حوله، ثم رفعها وسوى بها الشال حول رأسه ورقبته، ثم تحرك مغادراً المقهى، ووقع عكازه المعدني المتعالي يرن في أرواحنا.
اصطباحة
صحوتُ على انقباض في صدري، لم يخففه هواء الصباح الطري ولا دخان السجائر المتتالية، كنت مرغماً على الذهاب لتخليص بعض الأوراق لدى الموظفين، حاولتُ اصطياد الشيخ رفعت أو فيروز من الراديو لكن المحطات ردتني بأخبار زادت من انقباضي. خرجت إلى الشارع شبه الخالي وأنا أشعر أن أمامي يوماً ثقيلاً ومرهقاً، رحتُ أنظر إلى الأرض فليس هناك ما يستحق الاهتمام، وأنا في منتصف الشارع تقريباً شعرتُ بلفحة حارة تعبر وجهي فرفعتُ رأسي وقد تيقظت حواسي في شكل مباغت؛ رأيتهما يدخلان من أول الشارع، الفتاة أولاً، وعلى بُعد خطوات خلفها على الجانب الآخر من الشارع فتى، مراهقان صغيران. الفتى النحيل يمسك ببعض الكتب في يده يضرب بها جنبه برفق، بينما الفتاة تحتضن كتبها إلى صدرها، الفتى يحاول مرتبكاً الاقتراب والفتاة تحذره بدلال.
تلفت حولي، لم يكن غير ثلاثتنا في الشارع، والمسافة تضيق كلما تقدمنا، تبسمتُ وأنا أحس بأن وضعي شائك، تمنيتُ في هذه اللحظة أن أكون موجوداً وغير مرئي لهما، أتابع بدقة كل حركة يصدرانها، تراجع الفتى قليلاً لما رآني وذكرني بمراهق كنته ذات يوم، أما الفتاة فتمادت في دلالها ومشيتها الراقصة وهي ترى بسمتي المشجعة.
كنت أتخطاهما وأنا أشعر بأن صباحاً طازجاً ومختلفاً بدأ في التكون، ومن بعيد يأتيني متداخلاً صوتا الشيخ رفعت وفيروز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.