لم يضيع سعيد الشعبي ومجموعة من الشباب الفرصة في إبداء رأيهم عبر المواقع الاجتماعية بخصوص مشروع قانون متعلق بمنع التحرش الجنسي في المغرب وتجريمه وكانت أهم بنوده جريئة للغاية تصل إلى درجة إقرار عقوبات سالبة للحرية تصل مدتها إلى أربع سنوات حبساً مع الغرامة المالية. وبغض النظر عن الظروف التي دفعت إلى الإقدام على هذه الخطوة، فإن غالبية المتتبعين يرون أن مثل هذه القوانين لا يجب التسرع في إقرارها لأنه ربما تتخذ ذريعة للعديد من الفتيات من أجل تقديم دعاوى كيدية ضد أي كان سواء داخل فضاءات العمل أم حتى في الشارع. ومن المتوقع أنّ يُعرض مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء في الأيام المقبلة على مجلس النواب، وهو يتضمن عقوبات زجرية سالبة للحرية ضد المتحرشين بالنساء في الفضاءات العامة وأماكن العمل. ويعتبر المشروع الجديد «التحرش الجنسي كل فعل مزعج ضد أي كان في الفضاءات العامة من خلال أفعال أو ألفاظ أو إيحاءات جنسية أو من أجل الحصول على فعل ذي طبيعة جنسية». أما مقترفو هذه الأفعال فيتوعدهم القانون بعقوبات بالحبس تتراوح بين شهرين وعامين، وبغرامة مالية تتراوح بين 1000 و 3000 درهم، أو واحدة من العقوبتين. وتتضاعف العقوبات الآنفة الذكر إذا كان من أقدم على فعل التحرش الجنسي ضد النساء زميلاً للضحية في العمل أو مسؤولاً عن النظام العام، أو مكلفاً الأمن في الفضاءات العمومية، أو ولياً أو قريبا للضحية، أي أن أقصى عقوبة حبسية في مشروع القانون تصل إلى أربع سنوات. هذا القانون «الغريب» الذي يقول سعيد عنه انه كان مثار استهزاء الكثير من المغاربة على صفحات فايسبوك عبر تعليقات ورسومات، لم ينتبه واضعوه إلى أن «سبب التحرش هن النساء بزيهن ومشيتهن وأحياناً كثيرة بطريقة كلامهن إذ لم يعد التحرش مقتصراً على الرجال بل يطاول أحياناً كثيرة النساء أيضاً». ويعتبر المنتقدون إن نسبة التحرش منتشرة بشكل كبير في الثانويات حيث الغالبية من القاصرين ولا يمكن محاسبتهم بتلك القسوة. ويرى سعيد إن ثمة تحرشاً مقبولاً نسبياً ويراه المراهقون عادياً لأنهم يشاهدونه في الشارع, ويسأل: «هل يريد المشرع إعادة فضيحة «قبلة مراهقي الناظور» التي جعلت قنوات العالم تتابع تلك الهفوة». (وتلك حادثة تسببت في اعتقال 3 مراهقين على خلفية قبلة في مكان عام نشرت على فايسبوك). وأعتبر ناشطون أن الوضع في المغرب لا يتطلب مثل هذه العقوبات القاسية طالما الأمور تحت السيطرة ولم تصل بعد إلى ما هي عليه في بعض الدول العربية كمصر مثلاً. ورأى بعض هؤلاء إن القانون سيساهم في تزايد وتيرة التحرش لأنه سينبه إلى قضية منسية. وسخر آخرون من احتمال نشوء حركات احتجاجية ضد مشروع سيقضي كلياً على «تيمة الغزل» وسط الشارع التي سيفتقدها المغاربة وهي جزء من طبيعة الإنسان منذ القدم. وكتب ناشط فايسبوكي على صفحته هازئاً: «سيرتفع مستوى التضخم وسنشهد نقصاً في الإنفاق على ملابس النساء». وعلق عليه آخر قائلاً: «ستنقرض بعض الكلمات والجمل من القاموس المغربي مثل بس بس، وفين الزين، ما نشوفوكش، كلك زبدة ومنين نبدا، كاين شي ولا غير الفرشي...» وهو تعليق نال أعلى نسبة «لايك» وقبول من المتصفحين. لكن الشابة سلامة الناجي تقول: «إذا كانت العقوبة التي تريد الحقاوي (باسمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة عن حزب العدالة والتنمية الإسلامي) ضد التحرش تطال اللمس وما فوق فلا يسعني إلا أن أوفق، لأن اللمس تجاوز الإعجاب الطبيعي اللاإرادي إلى حركة اختيارية تنتهك مساحة الآخر وجسده؟ ولكن إن كانت تعني النظر والكلام، فأظنني سأتعرض لعقوبة لأنني أنا امرأة ولم أعد أستطيع غض النظر والسكوت حين أرى إحداهن مارة بجسدها مكشوفاً في الكلية كأننا في الحمام». وعلى رغم ضغط المنظمات الحقوقية التي نظمت تظاهرات كثيرة للتنديد بتفاقم ظاهرة التحرش، إلا أن البعض أشار إلى أن المشروع لم يحدد كيفية إثبات واقعة التحرش من طرف الفتاة أو المرأة في حال تعرضها لها، وكيفية التأكد من صحة ادعاءاتها خصوصاً إنها تهمة تختلف عن الاغتصاب. وفي المقابل قلّل البعض الآخر من أهمية المشروع على اعتبار أن مشكلة التحرش أكبر من أن يتم القضاء عليها بمجرد سن قوانين تجرمها. إلى ذلك لا يزال مشروع القانون الذي تسعى إليه وزارة الحقاوي بالتنسيق مع وزارة العدل، غامضاً في الكثير من جوانبه، كونه ذكر فقط سمة التحرش, متجاهلاً التفصيل في طبيعة التحرش هل هو لفظي، جنسي، جسدي أو غير ذلك.