اقيم بعد ظهر امس في قصر ال «اونيسكو» في بيروت احتفال تكريمي حاشد للعلامة الراحل هاني فحص. والقيت كلمات بالمناسبة وبثت شهادات محلية وعربية مسجلة نوهت بمزايا الراحل. ونقلت السيدة انتصار الوزير أرملة القيادي الفلسطيني ابوجهاد خليل الوزير تحيات وتقدير الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) «الذي شرفني بأن أنوب عنه في تأبين المناضل العلامة فحص الذي كان قلبه يتدفق حباً لفلسطين وأقصاها»، واصفة إياه ب «المثقف والمستنير والمتسامح، الإنسان في عصر التعصب، سيد الاعتدال، والمتنور الاسلامي في زمن الجهالة، والقومي العربي، الوطني اللبناني، الفلسطيني، المتقدم في الوطنية ديناً ودنيا، القامة الوطنية الكبيرة، والحضاري». وقالت: «إنه أول من نادى بحوار الأديان وانفتح على الحداثة والتغيير. لم يكن رحيل السيد فحص حدثاً عابراً بالنسبة الينا كفلسطينيين، هو الذي انخرط في صفوف حركة فتح في ريعان شبابه، وعمل على توثيق العلاقة الوجدانية بين المحرومين من وطنهم والمحرومين في وطنهم، ضامّاً صوته الى صوت الامام المغيب السيد موسى الصدر. وهو الاخ والصديق والرفيق لهامات الثورة الفلسطينية، ابوعمار وابو جهاد. عمل على توثيق الصلة مبكراً بين الثورة الفلسطينية والثورة الاسلامية في ايران وانتجت علاقة متميزة لطالما نعتز بها... لك في فلسطين وقيادتها وعلى رأسها الرئيس عباس وشعبها المرابط في الخط الامامي في القدس وكل الاحرار في العالم المكانة الكبرى في القلوب والعقول». ثم القى فخري كريم كلمة باسم العراق قال فيها: «في احدى تجاذباتنا ونحن نحاول استشراف ما يمكن ان نلوذ به من مقدرات المسارات الخاطئة التي لم تكن في بال احد كانت صداقتي مع هاني... الم يكن محقاً اذ قال ليت الموت غيبني قبل ان اعيش فراغة البهتان على الدين والمذهب، وليتني أموت قبل ان يجرفنا طوفانه فلا نعرف لنا مصيراً. قد يكون للبعض ان يقول عن هاني فحص ما شاء له الرأي لكنه في هذه اللحظة المحيرة من تاريخنا الملتبس المفترى عليه يبدو مثلاً لما ينبغي ان نكون عليه ونحن نعيش تسونامي الملاحم والهويات الفرعية. كنا يوماً نخاف ونحن نسمع تهديداً مبطناً احذروا لبننة العراق قبل ان نغوص وها نحن نغوص. أمن تجربتنا تستعيذون بشياطين الفتنة الطائفية والمذهبية وتتمسكون بخراب الوحدة الوطنية، أم تراكم تغرقون في مستنقعات العرقنة التي تتقافز منها مخلوقات تتشبه بالآدمية وتكوينات تجاوزت القاعدة لتتشكل منها داعش وأخواتها». مذكراً بآخر سؤال «وجهته الى هاني: «أسنية أم شيعية، مسلمة أم مسيحية شجرة الأرز يا هاني؟»، داعياً اللبنانيين الى ان تكون شجرة الارز» فيئاً لنا جميعا لعلنا نستقوي بكم فنحفظ لنخلتنا هويتها». ووصفت الامينة التنفيذية ل «اسكوا» ريما خلف العلامة فحص بانه «سيد معمم يعشق الموسيقى ويتلو الشعر في حوزة النجف، فقيه يعلي شأن المرأة وينتصر لحقوق الانسان... متمرد ورمز للاعتدال. يحب الطائفة ويغضب اذا حل الولاء لاي طائفة محل الانتماء للوطن. انفتح على الجميع وكان مسكوناً بحب فلسطين». وألقى النائب السابق سمير فرنجية كلمة قال فيها: «نحيي اليوم ذكرى انسان ادرك جمال معنى الهوية اللبنانية، تخطى كل الحواجز التي اقاموها في ما بينهم، والأهم أنه كان مزوداً بعلم كثير وأخلاق فحل في نظري في طليعة المؤسسين للهوية اللبنانية التي تحترم تعدد الانتماءات، هوية تحترم فرادة الإنسان وحقه في تقرير مصيره. لقد خاض كل التجارب من جنوبلبنان الى ايران الى فلسطين وكان شجاعاً في استخلاص العبر، ادرك ان اللجوء الى العنف لا يؤدي الا الى تدمير الآخر والذات». وتحدث عن عمله مع فحص في تأسيس رسالة تقوم على الإيمان بالعيش المشترك، ناقلاً عنه نداءه الأخير في «بناء الدولة والحفاظ عليها»، وعاهده «العمل مع ابنائه من اجل عالم اكثر انسانية». وقالت النائب بهية الحريري: «كنت يا سماحة السيد تجعلنا نفترض ما ليس فينا وكنا نصدق ما ليس فيك، وكنت تنطلق معنا من بديهيات لم نتفق عليها وهي اننا معاً ونريد الخير لأهلنا ولوطننا وللإنسان فينا، معك كانت كل القضايا كبيرة من الجنوب الى بيروت والى كل الوطن والى أعز قضية، قضية فلسطين وكل الوطن العربي... وعندما جاءت أيامنا العجاف وكنا نحتاج فيها الى ذرة عقل وأدب واخلاق وتسامح ومحبة كانت أهراءاتك مليئة بعجافات تلك السنين ونحن كنا ولا نزال جائعين». وقال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط: «لم يكن السيد هاني يماثل سواه من رجال الدين فطلته البهية وافكاره الانسانية وثقافته العميقة ولغته المحبوكة وكلماته المعبرة اضافة الى العشرات من الصفات والميزات التي تليق به حولته الى ظاهرة ثقافية وفكرية لها حضورها الخاص». ولفت الى ان «الاعتدال كان عنوانه والحوار سبيله والتواصل غايته اعتنق الحداثة بفكره وكتاباته ونشاطاته ومؤلفاته التي امتازت بغزارة الافكار وكثافتها». وقال: «في زمن الحكمة والضلال رحل رمز التغيير. هو قامة وطنية كبيرة تتراوح بين الانسانية والقومية والعروبة والاسلام، ينادي بالتجديد محافظاً في الوقت ذاته على التقليد. الاعتدال صعب ومكلف وكلما دفعت الثمن أحسست بنور الاعتدال كما قال مرة. ونحن في حاجة جدا اليوم الى هذا الاعتدال والحوار بين الثقافات والحضارات مع ارتفاع صوت القنابل وأزيز الرصاص ودوي المدافع وتعدد وسائل القتل الفكري والجسدي في سائر أرجاء المنطقة العربية». ونوه العلامة محمد حسن الأمين بمزايا الراحل الكبير. واختتم الاحتفال بكلمة شكر قدمها باسم العائلة نجله حسن فحص شدد فيها على «الحفاظ على معنى لبنان وضرورة تحصينه بالحوار الدائم ليكون شبكة أمان لنا جميعا عندها سيكون ذلك عزاؤنا الأكبر».