يزداد الواقع السياسي والإجتماعي في المغرب سخونة، في ظل ارتفاع وتيرة الاحتجاجات، وتصعيد النقابات العمالية مواقفها رداً على القرارات الحكومية، والخلافات التي لا تنتهي بين الغالبية والمعارضة. وفي الوقت الذي دعا فيه العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطاب أمام البرلمان إلى ميثاق حقيقي لأخلاقيات العمل السياسي، والاحترام بين جميع الفاعلين، شهد بهو البرلمان تشابكاً بالأيدي بين الأمين العام ل"حزب الاستقلال" حميد شباط (يمين، المعارضة) وأحد أعضاء "حزب الأصالة والمعاصرة" (وسط، المعارضة). وتطوّر التشابك إلى عضّ أحد البرلمانيين وتبادل اللكمات في شكل عنيف. وخلّف هذا السلوك ردود فعل متباينة، إذ سارع "حزب الأصالة والمعاصرة" إلى طرد العضو المتورط في التشابك، واتهم في بيان حصلت "مدرسة الحياة" على نسخة منه، أطرافاً وصفها بالمجهولة باستهداف المعارضة، ومحاولة نسف تنسيق أحزابها. وعلى المنوال نفسه، سار الأمين العام ل"حزب الاستقلال" حميد شباط، الذي اتهم في شكل مباشر الأمين العام ل"حزب العدالة والتنمية" ورئيس الحكومة المغربية عبدالإله بنكيران، بتحريض أطراف معينة لمهاجمته في قاعة البرلمان، والتشويش على لقاء المعارضة الذي نظم مباشرة بعد انتهاء الخطاب الملكي. وكان العاهل المغربي اعتبر في الخطاب الذي ألقاء لمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة، أن المتتبع للمشهد السياسي الوطني عموماً، والبرلماني خصوصاً، يلاحظ أن الخطاب السياسي لا يرقى دائماً إلى مستوى ما يتطلع إليه المواطن، لأنه شديد الارتباط بالحسابات الحزبية والسياسية. وبعد أقل من ساعة على انتهاء الخطاب الملكي، اختارت المعارضة أن توحد صفوفها لمواجهة حكومة بنكيران، معلنة نفسها بديلاً للحكومة التي يقودها "حزب العدالة والتنمية." وفي الوقت الذي وجّه فيه الأمناء العامون لأحزاب المعارضة (الاستقلال، والأصالة والمعاصرة، والاتحاد الاشتراكي، والاتحاد الدستوري)، انتقاداتهم للحكومة بعد ثلاث سنوات على تنصيبها، معتبريبن أنها أقصت المعارضة واستفردت بالقرار، لم يتأخر رد زعماء أحزاب الغالبية (العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية)، الذين أعربوا عن ارتياحهم لمستوى التنسيق والانسجام، ودعوا إلى الرقي بالخطاب السياسي، والاستمرار في الإصلاحات السياسية. وأكد زعماء الغالبية في اجتماع لهم، أن الإصلاحات الكبرى التي تندرج في إطار التنزيل السليم، والتي سترهن البلاد على المدى المتوسط والمدى البعيد، يجب أن تترفّع عن المزايدات السياسية والحسابات الضيقة، داعين إلى تدبيرها بكثير من الحكمة والتبصر. وبشّر بنكيران، من جهته، حلفاءه في الغالبية بالفوز المستحق خلال الإستحقاقات الانتخابية المقبلة (البلدية والبرلمانية).