أعلن حزب الاستقلال (محافظ)، ثاني أكبر قوة سياسية في المغرب، أن وزراءه سيستقيلون اليوم من الحكومة المغربية، التي يقودها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، تنفيذاً لقرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال 11 مايو/أيار الماضي بالانسحاب من حكومة بنكيران. وجاء الإعلان عن هذا القرار في ختام اجتماع عقدته اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، مساء أمس، بالعاصمة المغربية الرباط (وسط). وأفاد بيان للجنة التنفيذية، بأن "وزراء حزب الاستقلال سيقدمون استقالتهم الجماعية لرئيس الحكومة على أن يقدمها إلى صاحب الجلالة (الملك محمد السادس) طبقاً للدستور، وذلك بعد إبلاغ جلالة الملك من طرف الأمين العام للحزب بهذه الخطوة مساء الإثنين". وأضاف أن اللجنة قررت "تفعيل قرار المجلس الوطني للحزب بعد استشعارها أنها منحت رئيس الحكومة ما يكفي من الوقت لتدارك انسحاب الحزب". واعتبر البيان أن حزب الاستقلال "تحمل بوطنية عالية كل الاستفزازات التي صدرت عن رئيس الحكومة والتي تعكس قلة الخبرة وانعدام الإحساس بالمسؤولية، والذي تجلى في تعامله مع المهلة التي منحت له قبل تنفيذ القرار". وأوضح حزب الاستقلال في البيان نفسه أن "مسار الديمقراطية طويل، وأن المرحلة الحالية تحتاج إلى تضافر جهود كل الديمقراطيين من مختلف التيارات الوطنية السياسية والحقوقية والاقتصادية والنقابية، للتصدي لمشروع الهيمنة واستنساخ التجارب الفاشلة، والالتحام الدائم بهموم المواطنين". وأوضح كذلك أن اللجنة دعت أيضاً "فريقي الحزب بالبرلمان لاجتماع مع قيادة الحزب سيجري تحديد تاريخه، وذلك استعداداً لما تقتضيه المعارضة من منهجية عمل وتنسيق يهدف إلى الدفاع المستمر على المصالح العليا للوطن". إلى ذلك قال الناطق الرسمي بإسم حزب الاستقلال عادل بن حمزة، في تصريح صحفي أدلى به عقب اجتماع اللجنة التنفيذية: "يوم غد سيقدم وزراء حزب الاستقلال استقالتهم وفق الدستور للسيد رئيس الحكومة، وابتداء من تاريخه، فإن حزب الاستقلال يختار أن يكون في المعارضة". وذكر بن حمزة أن الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، أجرى مساءً اتصالاً مع العاهل المغربي الملك محمد السادس "ليبلغه بأن حزب الاستقلال سيتخذ في اجتماع اللجنة التنفيذية قرار استقالة الوزراء من حكومة بنكيران بداية من تاريخه" على حد قول بن حمزة. وأعرب القيادي الاستقلالي عن أمله في أن يدشن قرار حزبه الانسحاب من حكومة بنكيران "مرحلة جديدة لتعزيز المسار الديمقراطي وتفعيل الوثيقة الدستورية وتعزيز الممارسة الديمقراطية بين الفاعلين السياسيين". ويمتلك حزب الاستقلال بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) 60 مقعداً، وله ستة وزراء، هم نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، ومحمد الوفا، وزير التربية الوطنية، وفؤاد الدويري، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، ويوسف العمراني، الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون، وعبد اللطيف معزوز، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج، وعبد الصمد قيوح، وزير الصناعة التقليدية، كما يترأس القيادي في الحزب، كريم غلاب، مجلس النواب. وكان الأمين العام لحزب الاستقلال أكد في تصريحات سابقة أنه "لا تراجع عن قرار الانسحاب من الحكومة"، مشيراً إلى أن حزبه أرسل مذكرة إلى العاهل المغربي محمد السادس "بها 19 نقطة تفصل الأسباب التي جعلتنا نعلن انسحابنا من الحكومة"، ووصف هذه الأسباب ب"الموضوعية والواقعية". واستقبل العاهل المغربي، نهاية الشهر الماضي، حميد شباط على خلفية إعلان حزبه انسحابه من حكومة عبد الإله بنكيران. وسلم شباط للعاهل المغربي، خلال اللقاء، مذكرة من قيادات حزب الاستقلال، لم يكشف بيان رسمي صدر آنذاك عن مضمونها. وفي تصريحات للصحافة عقب الاستقبال الملكي، أكد شباط أن حزبه ينتظر في القريب العاجل جواب العاهل المغربي على مذكرته، وقال: "إننا ننتظر في القريب العاجل جواب صاحب الجلالة". وكان حزب الاستقلال أرجع قرار انسحابه إلى ما قال إنه "انفراد الحكومة بالقرارات المصيرية الكبرى، واحتضانها للفساد وتشجيعها عليه، واستنفاد الحزب الطرق المؤسساتية في تنبيه الحكومة إلى الوضعية الاقتصادية الكارثية التي أوصلت إليها البلاد"، إضافة إلى "فشل الحكومة الكامل في جميع المجالات وسياساتها الممنهجة في استهداف القدرة الشرائية للمغاربة، وخلط من يسمى رئيس الحكومة (بنكيران) بين مهامه الحزبية ومهمته الحكومية"، على حد قوله. وبإنسحاب الاستقلال، بات الائتلاف الحكومي بالمغرب، يتكون من ثلاثة أحزاب هي: "العدالة والتنمية" (إسلامي)، و"الحركة الشعبية" (وسط)، و"التقدم والاشتراكية" (يساري). وسيتراجع عدد مقاعد أحزاب الائتلاف الحكومي من 220 إلى 160 مقعداً من إجمالي مقاعد مجلس النواب البالغة 395 مقعداً؛ مما يعني أنه سيكون على الائتلاف كي يستمر في الحكم أن يعقد تحالفاً يوفر له 38 مقعدا لتصبح حكومته بالحد الأدنى من الأغلبية، وهو 198 مقعداً من إجمالي 395 هم مجموع النواب. وكان العاهل المغربي قد كلف بنكيران في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 بتشكيل الحكومة الحالية؛ إثر تصدَّر حزبه الانتخابات التشريعية في الشهر ذاته، وتولت الحكومة عملها رسمياً مطلع عام 2012.