اعلنت «لجنة الدفاع والمبادرة من أجل الكشف عن حقيقة اغتيال بلعيد والبراهمي» أمس، أن السلاح الذي استُعمل لقتل المعارض اليساري شكري بلعيد هو مسدس من نوع «بيريتا» عيار 9 ميلليمترات تستعمله وحدات تابعة للإدارة العامة للأمن الوطني، واتهمت وزارة الداخلية بانها أخفت نتائج الاختبار البالستي الذي أُجري في هولندا. وكان وزير الداخلية التونسي أعلن أن «عناصر متشددة» تقف وراء اغتيال المعارض بلعيد في 6 شباط (فبراير) الماضي والنائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز (يوليو) الماضي، لافتاً إلى أنهما قُتلا بواسطة السلاح ذاته. وقال عضو «لجنة الدفاع» المحامي مختار الطريفي، إن «مدير الأمن العمومي الأسبق وحيد التوحاني هو من تعمد إخفاء التقرير البالستي» (وهو اختبار للذخيرة المستعملة في عمليتي الاغتيال أُجري في مختبر جنائي هولندي)، مؤكداً أنه «سيتم تتبع كل من يثبت تورطه في إخفاء التقرير قضائياً». وصرح عضو هيئة الدفاع نزار السنوسي أنّ «جهة داخل وزارة الداخلية سعت إلى طمس أدلة حول اغتيال الشهيد بلعيد، ومن بينها محاولة إخفاء التقرير البالستي والتواطؤ في عدم تتبع الجناة». وأكّد أن الهيئة ستتقدّم بشكوى رسمية ضد كل من ثبت تورّطه في محاولة إخفاء نتيجة التحليل، مضيفاً أنه «لا يمكن التحدث اليوم عن تقصير من وزارة الداخلية بل الأصح الحديث عن نية مقصودة من جهاز داخل هذه الوزارة للتستر وعدم كشف هذه الجريمة». ولفتت اللجنة إلى أن وزارة الخارجية الهولندية أبلغت نظيرتها التونسية في مذكرة شفوية بتاريخ 25 أيلول (سبتمبر) الماضي أن ضابطاً تونسياً أوفدته الداخلية إلى هولندا تسلم في 29 أيار (مايو) 2013 النسخة الأصلية من تقرير يتضمن نتائج الاختبار البالستي. وأضافت أن الضابط «وقّع وصْلَ تسلم التقرير وتعهد إيصاله إلى المدعي العام للشؤون الجزائية في وزارة العدل رياض بالقاضي». ويدعى الضابط بلقاسم بالسعودي وهو مكلف اختبار الأسلحة والذخيرة في الإدارة الفرعية للمختبرات الجنائية والعلمية في وزارة الداخلية. وقالت اللجنة إن الضابط «بعد عودته إلى تونس أخفى هذا الاختبار وسلمه إلى رئيسه المباشر الذي أخفى بدوره وجوده إلى أن كُشف عنه عن طريق المذكرة الشفوية الصادرة عن وزارة الشؤون الخارجية الهولندية بتاريخ 25 أيلول» الماضي. ويتهم ناشطون حقوقيون وسياسيون حركة «النهضة» الإسلامية التي تقود الائتلاف الحكومي باختراق وزارة الداخلية عبر تعيين موالين لها في مختلف الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى تواطئها في اغتيال بلعيد والبراهمي، الأمر الذي تنفيه «النهضة»، التي تعتبر أن هذه التصريحات «تأتي في إطار حملة تشويه ضد الإسلاميين من أجل تحميلهم مسؤولية تدهور الوضع الأمني والسياسي في البلاد». وأثارت تصريحات هيئة الدفاع غضباً في الشارع التونسي الذي يتابع بقلق تطورات الوضع السياسي ومشاورات الحوار الوطني الرامي إلى تأليف حكومة كفاءات محايدة تخلف حكومة القيادي في «النهضة» علي العريض. ويعتبر مراقبون أن هذه المعطيات تساعد على تحريك الشارع التونسي ضد حكم الإسلاميين بعد انحسار تظاهرات المعارضة شعبياً في الآونة الأخيرة مقارنة بفترات سابقة، بعدما بات جزء من الرأي العام يعتبر أن الأحزاب الحاكمة والمعارضة تشترك في التسبب بالأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ أكثر من ثلاثة أشهر.